كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 5)
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، ثنا صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو، وَحَدَّثَنِي شُرَيْحُ بْنُ عُبَيْدٍ الْحَضْرَمِيُّ قَالَ: قَالَ عُمَرُ لِكَعْبٍ: خَوِّفْنَا يَا كَعْبُ، قَالَ: " §وَاللهِ إِنَّ لِلَّهِ لَمَلَائِكَةً قِيَامًا مُنْذُ يَوْمِ خَلَقَهُمْ مَا ثَنَوْا أَصْلَابَهُمْ، وَآخَرِينَ رُكُوعًا مَا رَفَعُوا أَصْلَابَهُمْ، وَآخَرِينَ سُجُودًا مَا رَفَعُوا رءُوسَهُمْ، حَتَّى يَنْفُخَ فِي الصُّورِ النَّفْخَةَ الْآخِرَةَ، فَيقُولُونَ جَمِيعًا: سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ، مَا عَبَدْنَاكَ كَمَا يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تُعْبَدَ، ثُمَّ قَالَ: وَاللهِ لَوْ أَنَّ لِرَجُلٍ يَوْمَئِذٍ كَعَمَلِ سَبْعِينَ نَبِيًّا لَاسْتَقَلَّ عَمَلَهُ مِنْ شِدَّةِ مَا يَرَى يَوْمَئِذٍ، وَاللهِ لَوْ دُلِّيَ مِنْ غِسْلِينَ دَلْوٌ وَاحِدَةٌ فِي مَطْلِعِ الشَّمْسِ لَغَلَتْ مِنْهَا جَمَاجِمُ قَوْمٍ فِي مَغْرِبِهَا، وَاللهِ لَتَزْفَرَنَّ جَهَنَّمُ زَفْرَةً لَا يَبْقَى مَلَكٌ مُقَرَّبٌ، وَلَا غَيْرُهُ إِلَّا خَرَّ جَاثِيًا عَلَى رُكْبَتَيْهِ، يَقُولُ: رَبِّ نَفْسِي نَفْسِي، وَحَتَّى نَبِيُّنَا وَإِبْرَاهِيمُ وَإِسْحَاقُ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ " قَالَ: فَأَبْكَى الْقَوْمَ حَتَّى نَشَجُوا. فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عُمَرُ قَالَ لِكَعْبٍ: بَشِّرْنَا فَقَالَ: أَبْشِرُوا، فَإِنَّ لِلَّهِ ثَلَاثَمِائَةٍ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ شَرِيعَةً، لَا يَأْتِي بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ مَعَ كَلِمَةِ الْإِخْلَاصِ رَجُلٌ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللهُ الْجَنَّةَ، وَلَوْ تَعْلَمُونَ كُلَّ رَحْمَةٍ اللهِ لَأَبْطَأْتُمْ فِي الْعَمَلِ، وَاللهِ لَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ اطَّلَعَتْ مِنْ هَذِهِ السَّمَاءِ الدُّنْيَا فِي لَيْلَةٍ ظَلْمَاءَ لَأَضَاءَتْ لَهَا الْأَرْضُ، وَاللهِ لَوْ أَنَّ ثَوْبًا مِنْ ثِيَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ نُشِرَ الْيوْمَ فِي الدُّنْيَا لَصَعِقَ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْهِ وَمَا حَمَلَتْهُ أَبْصَارُهُمْ "
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُسْتَفَاضِ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عُمَرَ بْنِ شَقِيقٍ، - بِبَلْخَ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ ح. وَحَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ الْمُثَنَّى، ثنا عَفَّانُ، قَالَا: ثنا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، عَنْ كَعْبٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عُمَرَ فَقَالَ لِي: يَا كَعْبُ خَوِّفْنَا، قَالَ: قُلْتُ: «يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَلَيْسَ فِيكُمْ كِتَابُ اللهِ تَعَالَى، وَحِكْمَةُ -[369]- رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟» قَالَ: بَلَى، وَلَكِنْ خَوِّفْنَا يَا كَعْبُ، قَالَ: قُلْتُ: «يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، اعْمَلْ عَمَلَ رَجُلٍ لَوْ وَافَيْتَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِعَمَلِ سَبْعِينَ نَبِيًّا لَازْدَرَيْتَ عَمَلَكَ مِمَّا تَرَى» قَالَ: فَأَطْرَقَ عُمَرُ مَلِيًّا ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ: زِدْنَا يَا كَعْبُ، قَالَ: قُلْتُ: «يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَوْ فُتِحَ مِنْ جَهَنَّمَ قَدْرَ مِنْخَرِ ثَوْرٍ بِالْمَشْرِقِ وَرَجُلٌ بِالْمَغْرِبِ لَغَلَى دِمَاغُهُ حَتَّى يَسِيلَ مِنْ حَرِّهَا» فَأَطْرَقَ عُمَرُ مَلِيًّا ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ: زِدْنَا يَا كَعْبُ، قَالَ: قُلْتُ: " يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، §إِنَّ جَهَنَّمَ لَتَزْفَرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ زَفْرَةً مَا يَبْقَى مَلَكٌ مُقَرَّبٌ، وَلَا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ إِلَّا خَرَّ جَاثِيًا عَلَى رُكْبَتَيْهِ، حَتَّى أَنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ خَلِيلَهُ لَيَخِرُّ جَاثِيًا وَيقُولُ: نَفْسِي نَفْسِي، لَا أَسْأَلُكَ الْيوْمَ إِلَّا نَفْسِي " قَالَ: فَأَطْرَقَ عُمَرُ مَلِيًّا، قَالَ: قُلْتُ: «يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَوَلَسْتُمْ تَجِدُونَ هَذَا فِي كِتَابِ اللهِ تَعَالَى؟» قَالَ: قَالَ عُمَرُ: كَيْفَ؟ قُلْتُ: " يَقُولُ اللهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ: {يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [النحل: 111] " قَالَ: فَسَكَتَ عُمَرُ " حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا قُتَيْبَةُ، ثنا اللَّيْثُ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، أَنَّ عُمَرَ قَالَ لِكَعْبٍ: خَوِّفْنَا، فَذَكَرَ نَحْوَهُ
الصفحة 368