كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 5)
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، نا أَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ، نا مُسَاوِرٌ، نا الْوَلِيدُ بْنُ الْفَضْلِ الْعَتْرِيُّ، نا مِنْدَلُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: خَرَجَ الْأَعْمَشُ ذَاتَ يَوْمٍ مِنْ مَنْزِلِهِ بِسَحَرَ، فَمَرَّ بِمَسْجِدِ بَنِي أَسَدٍ، وَقَدْ أَقَامَ الْمُؤَذِّنُ الصَّلَاةَ، فَدَخَلَ يُصَلِّي، فَافْتَتَحَ إِمَامُهُمُ الْبَقَرَةَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى، ثُمَّ قَرَأَ فِي الثَّانِيَةِ آلَ عِمْرَانَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ لَهُ الْأَعْمَشُ: أَمَا تَتَّقِي اللهَ، أَمَا سَمِعْتَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «§مَنْ أَمَّ النَّاسَ فَلْيُخَفِّفْ، فَإِنَّ خَلْفَهُ الْكَبِيرُ وَالضَّعِيفُ وَذَا الْحَاجَةِ»؟ فَقَالَ الْإِمَامُ: قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} [البقرة: 45] فَقَالَ الْأَعْمَشُ: «فَأَنَا رَسُولُ الْخَاشِعِينَ إِلَيْكَ أَنَّكَ ثَقِيلٌ»
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ سَلْمٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْأَبَّارُ، نا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: سَمِعْتُ وَكِيعًا، يَقُولُ: اكْتَرَى الْأَعْمَشُ مِنْ أَعْرَابِيٍّ، وَخَرَجَ مَعَهُ قَوْمٌ يَرْجُونَ أَنْ يَسْمَعُوا مِنْهُ، قَالَ: فَلَمَّا أَحْرَمَ وَكَانَ الْجَمَّالُ يُؤْذِيهِمْ، فَاجْتَمَعُوا يَوْمًا فِي خَيْمَةٍ، فَجَاءَ إِلَيْهِمْ وَهُمْ مُجْتَمِعُونَ، فَقَامَ الْأَعْمَشُ فَشَدَّ إِزَارَهُ وَقَامَ إِلَيْهِ بِعَمُودِ الْخَيْمَةِ فَضَرَبَهُ فَشَجَّهُ، فَقَالُوا: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، تَقُومُ إِلَيْهِ فَتَشُجَّهُ وَأَنْتَ مُحْرِمٌ؟ فَقَالَ: «§إِنَّ مِنْ سُنَّةِ الْإِحْرَامِ ضَرْبُ الْجَمَّالِ»
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، نا إبْرَاهِيمُ بْنُ نَائِلَةَ، نا إسْمَاعِيلُ بْنُ عَمْرٍو الْبَجَلِيُّ، نا منْدَلٌ قَالَ: قُلْتُ لِلْأَعْمَشِ: هَلْ تَأَذَّيْتَ بِالْمُسَوَّدَةِ قَطُّ؟ قَالَ: نَعَمْ، كُنْتُ فِي السَّوَادِ فَلَقِينِي رَجُلٌ مِنْهُمْ عِنْدَ نَهَرٍ فَقَالَ: " §احْمِلْنِي حَتَّى أَعْبُرَ هَذَا النَّهَرَ، فَلَمَّا اسْتَوَى عَلَى ظَهْرِي قَالَ: {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ} [الزخرف: 13]، فَلَمَّا تَوَسَّطْتُ النَّهَرَ رَمَيْتُ بِهِ وَقُلْتُ: اللهُمَّ أَنْزَلَنِي مَنْزِلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ. ثُمَّ تَرَكْتُهُ يَتَلَبَّطُ فِي ثِيَابِهِ فِي النَّهَرِ، وَهَرَبْتُ مِنْهُ "
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ سَلْمٍ -[54]- أنبأنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْأَبَّارُ، نا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ قَالَ: نا عَمْر الْحَنْظَلِيُّ قَالَ: جَاءَ سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ إِلَى الْأَعْمَشِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ الْأَعْمَشُ: " كَيْفَ أَنْتَ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ؟ كَيْفَ الْكَارَكَاهُ؟ بَلَغَنِي أَنَّهُ عَامِرٌ، وَكَانَ فِي أَوَّلِ مَا أَخَذَ سُفْيَانُ فِي الْحَدِيثِ، فَقَالَ لَهُ سُفْيَانُ: لَا تَدَعِ الْمِزَاحَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ عَلَى حَالٍ؟ قَالَ: مَا جَاءَ بِكَ؟ قَالَ: حَدِيثٌ بَلَغَنِي أَنَّكَ تُحَدِّثُ بِهِ، لَا تَزَالُ تَجِيءُ بِالشَّيْءِ، فَقَالَ: مَا هُوَ؟ قَالَ: قُلْتَ: إِنَّ ابْنَ عُمَرَ قَبِلَ هَدَايَا الْمُخْتَارِ، فَقَالَ: أَمَا سَمِعْتَ هَذَا بَعْدُ؟ قَالَ: لَا، فَقَالَ لَهُ الْأَعْمَشُ: ثنا حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ: «§رَأَيْتُ هَدَايَا الْمُخْتَارِ تَأْتِي ابْنَ عَبَّاسٍ وَابْنَ عُمَرَ فَيَقْبَلَانِهَا»
الصفحة 53