وجميع ما خلق الله فى جوف الكرسي كحلقة ألقيتها فى فلاة، وذلك قوله عز وجل:
وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ «39» (البقرة/ 255) .
وعن ابى ذر قال: «سمعت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ما الكرسي فى العرش الا كحلقة من حديد ألقيت بين ظهر فلاة من الأرض «40» » .
وقد اختلف اللغويون فى تفسير معنى الكرسي، فالأصمعى قال: الكراسة:
الكتاب، سميت بذلك لأنه جمع فيها العلم والحكمة «41» .
ويقال للعلماء (الكراسي) لأنه المعتمد عليهم، كما يقال ارتاد الأرض، يعنى بذلك ان الأرض تصلح بهم. ومنه قول الشاعر:
يحف بهم بيض الوجوه وعصبة ... كراسي بالأحداث حين تنوب «42»
والعرب تسمى اصل كل شيء الكرسي، يقال: فلان كريم الكرسي: اى كريم الأصل «43» .
ويذهب الزجاج الى ان الكرسي فى اللغة الشيء الذي يعتمد عليه ويجلس عليه «44» .
اما الزمخشري فيذهب الى ان الكرسي منسوب الى كرسي الملك، كقولهم دهري «45» .
وأخيرا، نرى ان مقاتلا فسر الكرسي تفسيرا ماديا واعتمد فى وصفه على الاسرائيليات، ولذلك نرفض ما رواه مقاتل فى وصف الكرسي، ونقول: اما ان يكون من المتشابه الذي نؤمن به مع التفويض والتنزيه، او نحمله على معنى من المعاني اللغوية التي أوردناها.
__________
(39) الزينة: 2/ 160 وانظر نفس الخبر عن عطاء: لسان العرب مادة (كرسي) .
(40) الطبري، تفسير: 3/ 9- 11.
(41) الزينة: 2/ 152، قال العجاج:
يا صاح هل تعرف رسما مكرسا ... قال: نعم أعرفه وابلسا
انظر البيت فى لسان العرب مادة (كرسي) .
(42) الطبري، تفسير: 2/ 9- 11 عن سعيد بن جبير.
وانظر البيت فى الزينة: 2/ 151، وفى أساس البلاغة نقلا عن قطرب مادة (كرسي) .
(43) الطبري: تفسير: 3/ 9- 11، والزمخشري: الأساس مادة (كرسي) ، ولسان العرب مادة (كرسي) . [.....]
(44) لسان العرب، مادة (كرسي) .
(45) الأساس مادة (كرسي) .