- 3- مقاتل والارجاء «26»
اتهم مقاتل بانه من أول المرجئة، كما اتهم ابو حنيفة بذلك.
والمرجئة فرقة وقفت موقفا حياديا من الخلاف الذي وقع فى عصر الصحابة- بعد مقتل عثمان رضى الله عنه- والخلاف الذي كان فى العصر الأموي، وأرجأت الحكم على الجميع الى الله سبحانه «27» .
وذهبت طائفة من المرجئة الى ان الله يعفو عن كل الذنوب ما عدا الكفر، فلا تضر مع الايمان معصيته كما لا تنفع مع الكفر طاعة «28» .
وقد وجد الفساق فى هذا المذهب الفاسد ما يشبع نهمهم ويبرر مفاسدهم فاستتر به كل مفسد مستهتر، قال زيد بن على بن الحسين «ابرا من المرجئة الذين اطمعوا الفساق فى عفو الله» «29» .
وقالت المعتزلة ان مرتكب الكبيرة مخلد فى النار، وأطلقوا لقب المرجئة على كل من لا يقول بذلك، ما دام يرى ان صاحب الكبيرة ليس مخلدا، ولو كان يقول انه يعذب بمقدار ما أذنب «30» .
(وقد عد من المرجئة على هذا النحو عدد كبير غير ابى حنيفة وأصحابه، ومنهم
__________
(26) الارجاء على معنيين: أحدهما بمعنى التأخير، كما فى قوله تعالى: (ارجه وأخاه) ، والثاني إعطاء الرجاء (الملل والنحل: 1/ 222) .
(27) اعتمدت المرجئة فى ذلك الأصل على حديث
رواه ابو بكر عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو: «ستكون فتن القاعد فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي فيها- الا فان نزلت- او وقعت- فمن كانت له ابل فليلحق بإبله، ومن كانت له غنم فيلحق بغنمه، ومن كانت له ارض فليلحق بأرضه» . قال رجل من الصحابة: ومن لم تكن له ابل ولا غنم ولا ارض؟ قال رسول الله «ليعمد الى سيفه فليدعه على حده بحجر ثم لينج ان استطاع النجاة» .
لكن فى هذا الحديث مقالا، وان كانت فى الصحيحين أحاديث تقارب معناه العام وتختلف عنه اختلافا يسيرا.
(انظر دكتور صبحى الصالح: النظم الاسلامية: 143 ط 1) .
(28) قسم عبد القاهر المرجئة الى ثلاثة اصناف،) الفرق بين الفرق: 20، تحقيق الكوثرى ط سنة 1948 م) .
وقسم ابو الحسن الملطي المرجئة الى اثنتى عشرة فرقة، (التنبيه والرد للملطى: 139 تحقيق الكوثرى ط سنة 1949 م) .
اما الشهرستاني فقسم المرجئة الى اربعة اصناف: مرجئة الخوارج، ومرجئة القدرية، ومرجئة الجبرية، والمرجئة الخالصة، (الملل والنحل: 222- 223 تحقيق احمد فهمي ط سنة 1948 م) .
والأشعري حدد المرجئة باثنتي عشرة فرقة (مقالات الاسلاميين: 1/ 197) .
(29) محمد ابو زهرة، ابو حنيفة: 137 ط دار الفكر العربي سنة 1960 م.
(30) الملل والنحل: 1/ 226، وانظر دكتور صبحى الصالح: النظم الاسلامية: 149 ط بيروت سنة 1965 م (دار العلم للملايين) .