كتاب الطبقات الكبرى ط دار صادر (اسم الجزء: 5)
فِي طَاعَةِ خَلِيفَتِكُمْ حَيًّا وَمَيِّتًا , فَتَرَحَّمُوا عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ اللَّهُ قَدْ رَحِمَهُ , وَوَفَّقَهُ لِلْخَيْرِ , قَالَ: تَقُولُ بَحْرِيَّةُ وَهِيَ تَبْكِي عَلَيْهِ وَبَلَغَهَا مَا يَقُولُ مُعَاوِيَةُ , فَقَالَتْ: أَمَّا أَنْتَ فَقَدْ عَجَّلْتَ لَهُ يُتْمَ وَلَدِهِ , وَذَهَابَ نَفْسِهِ , ثُمَّ الْخَوْفُ عَلَيْهِ لِمَا بَعْدُ أَعْظَمُ الْأَمْرِ , فَبَلَغَ مُعَاوِيَةَ كَلَامُهَا , فَقَالَ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: أَلَا تَرَى مَا تَقُولُ هَذِهِ الْمَرْأَةُ؟ فَأَخْبَرَهُ , فَقَالَ: وَاللَّهِ , لَعَجَبٌ لَكَ مَا تُرِيدُ أَنْ يَقُولَ النَّاسُ شَيْئًا؟ فَوَاللَّهِ لَقَدْ قَالُوا فِي خَيْرٍ مِنْكَ وَمِنَّا , فَلَا يَقُولُونَ فِيكَ أَيُّهَا الرَّجُلُ , إِنْ لَمْ تُغْضِ عَمَّا تَرَى كُنْتَ مِنْ نَفْسِكِ فِي غَمٍّ. قَالَ مُعَاوِيَةُ: هَذَا وَاللَّهِ رَأْيِي الَّذِي وَرِثْتُ مِنْ أَبِي أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ: " اخْتُلِفَ عَلَيْنَا فِي قَتْلِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ , فَقَائِلٌ يَقُولُ: قَتَلَتْهُ رَبِيعَةُ , وَقَائِلٌ يَقُولُ: قَتَلَهُ رَجُلٌ مِنْ هَمْدَانَ , وَقَائِلٌ يَقُولُ: قَتَلَهُ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ , وَقَائِلٌ يَقُولُ: قَتَلَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ "
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ , عَنْ سَعْدٍ أَبِي الْحَسَنِ مَوْلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ لَيْلَةً بِصِفِّينَ فِي خَمْسِينَ رَجُلًا مِنْ هَمْدَانَ يُرِيدُ أَنْ يَأْتِيَ عَلِيًّا , وَكَانَ يَوْمُنَا يَوْمًا قَدْ عَظُمَ فِيهِ الشَّرُّ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ , فَمَرَرْنَا بِرَجُلٍ أَعْوَرَ مِنْ هَمْدَانَ يُدْعَى مَذْكُورًا قَدْ شَدَّ مِقْوَدَ فَرَسِهِ بِرِجْلِ رَجُلٍ مَقْتُولٍ , فَوَقَفَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَى الرَّجُلِ , فَسَلَّمَ , ثُمَّ قَالَ: مَنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ: رَجُلٌ مِنْ هَمْدَانَ , فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ: مَا تَصْنَعُ هَاهُنَا؟ فَقَالَ: أَضْلَلْتُ أَصْحَابِي فِي هَذَا الْمَكَانِ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ؛ فَأَنَا أَنْتَظِرُ رَجْعَتَهُمْ. قَالَ: مَا هَذَا الْقَتِيلُ؟ قَالَ لَا أَدْرِي غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ شَدِيدًا عَلَيْنَا يَكْشِفْنَا كَشْفًا شَدِيدًا , وَبَيْنَ ذَلِكَ يَقُولُ أَنَا الطَّيِّبُ ابْنُ الطَّيِّبِ , وَإِذَا ضَرَبَ قَالَ: §أَنَا ابْنُ الْفَارُوقِ , فَقَتَلَهُ اللَّهُ بِيَدِي , فَنَزَلَ الْحَسَنُ إِلَيْهِ , فَإِذَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ , وَإِذَا سِلَاحُهُ بَيْنَ يَدَيِ الرَّجُلِ , فَأَتَى بِهِ عَلِيًّا , فَنَفَّلَهُ عَلِيٌّ سَلَبَهُ وَقَوَّمَهُ أَرْبَعَةَ آلَافٍ "
الصفحة 19