كتاب الطبقات الكبرى ط دار صادر (اسم الجزء: 5)

وَقَالَ: عَلَيْكُمْ بِتَحِيَّةِ أَهْلِ الْجَنَّةِ السَّلَامُ فَآذُوهُ وَنَالُوا مِنْهُ فَحَلُمَ عَنْهُمْ وَخَرَجُوا مِنْ عِنْدِهِ فَجَعَلُوا يَأْتَمِرُونَ بِهِ وَطَلَعَ الْفَجْرُ فَأَوْفَى عَلَى غُرْفَةٍ لَهُ فَأَذَّنَ بِالصَّلَاةِ فَخَرَجَتْ إِلَيْهِ ثَقِيفٌ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ فَرَمَاهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي مَالِكٍ يُقَالُ لَهُ أَوْسُ بْنُ عَوْفٍ فَأَصَابَ أَكْحَلَهُ فَلَمْ يَرْقَ دَمُهُ فَقَامَ غَيْلَانُ بْنُ سَلَمَةَ وَكِنَانَةُ بْنُ عَبْدِ يَالِيلَ وَالْحَكَمُ بْنُ عَمْرٍو وَوُجُوهُ الْأَحْلَافِ فَلَبِسُوا السِّلَاحَ وَحَشَدُوا وَقَالُوا: نَمُوتُ عَنْ آخِرِنَا أَوْ نَثْأَرُ بِهِ عَشْرَةً مِنْ رُؤَسَاءِ بَنِي مَالِكٍ، فَلَمَّا رَأَى عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ مَا يَصْنَعُونَ قَالَ: لَا تَقْتَتِلُوا فِيَّ قَدْ تَصَدَّقْتُ بِدَمِي عَلَى صَاحِبِهِ لِأُصْلِحَ بِذَلِكَ بَيْنَكُمْ فَهِيَ كَرَامَةٌ أَكْرَمَنِي اللَّهُ بِهَا وَشَهَادَةٌ سَاقَهَا اللَّهُ إِلَيَّ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم لَقَدْ أَخْبَرَنِي بِهَذَا أَنَّكُمْ تَقْتُلُونِي ثُمَّ دَعَا رَهْطَهُ فَقَالَ: إِذَا مِتُّ فَادْفِنُونِي مَعَ الشُّهَدَاءِ الَّذِينَ قُتِلُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ عَنْكُمْ فَمَاتَ فَدَفَنُوهُ مَعَهُمْ وَبَلَغَ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلم مَقْتَلُهُ فَقَالَ: «§مَثَلُ عُرْوَةَ مَثَلُ صَاحِبِ يَاسِينَ دَعَا قَوْمَهُ إِلَى اللَّهِ فَقَتَلُوهُ»
§أَبُو مَلِيحِ بْنُ عُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودِ بْنِ مُعَتِّبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ قَالَ ابْنُهُ أَبُو مَلِيحِ بْنُ عُرْوَةَ وَابْنُ أَخِيهِ قَارَبُ بْنُ الْأَسْوَدِ بْنِ مَسْعُودٍ لِأَهْلِ الطَّائِفِ: لَا نُجَامِعُكُمْ عَلَى شَيْءٍ أَبَدًا وَقَدْ قَتَلْتُمْ عُرْوَةَ ثُمَّ لَحِقَا بِرَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم فَأَسْلَمَا فَقَالَ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم: «تَوَلَّيَا مَنْ شِئْتُمَا» قَالَا: نَتَوَلَّى اللَّهَ وَرَسُولَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلم: «وَخَالَكُمَا أَبَا سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ فَحَالِفَاهُ» فَفَعَلَا وَنَزَلَا عَلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ فَأَقَامَا بِالْمَدِينَةِ حَتَّى قَدِمَ وَفْدُ ثَقِيفٍ فِي شَهْرِ

الصفحة 504