كتاب الطبقات الكبرى ط دار صادر (اسم الجزء: 5)

§تَسْمِيَةُ مَنْ كَانَ بِالْبَحْرَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم
§أَشَجُّ عَبْدِ الْقَيْسِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: وَقَدِ اخْتُلِفَ عَلَيْنَا فِي اسْمِهِ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنِي قُدَامَةُ بْنُ مُوسَى، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُمَّانَةَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: §كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم إِلَى أَهْلِ الْبَحْرَيْنِ فَقَدِمَ عَلَيْهِ عِشْرُونَ رَجُلًا مِنْهُمْ رَأْسُهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْفٍ الْأَشَجُّ , فِي بَنِي عُبَيْدٍ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ , وَفِي بَنِي غَنْمٍ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ , وَمِنْ بَنِي عَبْدِ الْقَيْسِ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا مَعَهُمُ الْجَارُودُ وَكَانَ نَصْرَانِيًّا
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم حِينَ قَدِمُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ , وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ , فَقَالَ: «مَرْحَبًا بِهِمْ، §نِعْمَ الْقَوْمُ عَبْدُ الْقَيْسِ» . وَرَأْسُهُمْ يَوْمَئِذٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْفٍ الْأَشَجُّ , فَأَقْبَلُوا جَمِيعًا حِينَ ذُكِرَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ فَقَالُوا: نُسَلِّمُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم فَجَاءُوا فِي ثِيَابِهِمْ وَأَنَاخُوا رَوَاحِلَهُمْ عَلَى بَابِ دَارِ رَمْلَةَ بِنْتِ الْحَدَثِ وَكَذَلِكَ كَانَ الْوَفْدُ يَصْنَعُونَ فَسَلَّمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم وَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم يَسْأَلُهُمْ: «أَيُّكُمْ عَبْدُ اللَّهِ الْأَشَجُّ؟» يَقُولُونَ: أَتَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ وَضَعَ ثِيَابَ -[558]- سَفَرِهِ وَأَخْرَجَ ثِيَابًا حِسَانًا فَلَبِسَهَا , وَكَانَ رَجُلًا دَمِيمًا فَلَمَّا جَاءَ نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم إِلَى رَجُلٍ دَمِيمٍ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُسْتَقَى فِي مِسْوَكِ الرِّجَالِ إِنَّمَا يَحْتَاجُ مِنَ الرَّجُلِ إِلَى أَصْغَرَيْهِ لِسَانِهِ وَقَلْبِهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم: «فِيكَ خَصْلَتَانِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ» فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَمَا هُمَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «الْحِلْمُ وَالْأَنَاةُ» فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَشَيْءٌ حَدَثَ أَمْ جُبِلْتُ عَلَيْهِ؟ قَالَ: «بَلْ جُبِلَتَ عَلَيْهِ» قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَقَالَ غَيْرُ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: فَكَانَتْ ضِيَافَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم تَجْرِي عَلَى وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ عَشْرَةَ أَيَّامٍ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ الْأَشَجُّ يُسَائِلُ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم عَنِ الْفِقْهِ وَالْقُرْآنِ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم يُدْنِيهِ مِنْهُ إِذَا جَلَسَ , وَكَانَ يَأْتِي أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ فَيَقْرَأُ عَلَيْهِ , وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم لِلْوَفْدِ بِجَوَائِزَ وَفَضَّلَ عَلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ الْأَشَجَّ فَأَعْطَاهُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً وَنَشًّا وَكَانَ ذَلِكَ أَكْثَرَ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم يُجِيزُ بِهِ الْوَفْدَ

الصفحة 557