كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 5)

بسم الله الرحمن الرحيم

فصل في الأذكار والدعوات المستحبات بعرفات:
قد قدَّمنا في أذكار العيد حديثَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "خَيرُ الدعاءِ يَوْمُ عَرَفَةَ، وَخَيرُ ما قُلْتُ أنا والنبِيُون مِنْ قَبْلي: لا إلهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لهُ، لهُ المُلْكُ ولهُ الحَمْدُ وَهُوَ على كُل شَيءٍ قَدِيرٌ".
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فصل
قوله: (بعرفات) قال السفاقسي: عرفات اسم جبل وهو مؤنث وحكى سيبويه هذه عرفات مباركًا فيها وهي مرادفة لعرفة وقيل: إنها جمع فإن عني في الأصل فصحيح وإن عنى مع كونها علمًا فليس بصحيح لأن الجمعية تنافي العلمية وقال قوم: عرفة اسم لليوم وعرفات اسم للبقعة والتنوين في عرفات ونحوه تنوين المقابلة وقبل تنوين صرف واعتذر عن كونه منصرفًا مع التأنيث والعلمية بأن التأنيث إن كان بالتاء التي في اللفظ كطلحة فالتي في عرفات ليست للتأنيث وإنما هي والألف قبلها علامة جمع المؤنث وإن كان بالتقدير كسعاد فلا يصح لأن هذه التاء لاختصاصها بجمع المؤنث تمنع من تقديرها كما لا يقدر التأنيث في بنت لأن التاء التي هي بدل عن الواو لاختصاصها بالمؤنث تمنع من تقديرها وأجري عرفات في القرآن مجرى ما لم بسم به من إبقاء التنوين في الجر ويجوز حذفه حال التسمية وحكى الكوفيون والأخفش إجراء ذلك مجرى فاطمة وأنشد بيت امرئ القيس:
تنورتها من أذرعات وأهلها ... بيثرب أدنى دارها نظر عالي اهـ
وقد أفاد ابن مالك وغيره أن هذا البيت أنشد بالأوجه الثلاثة وقد بسطت هذا المحل في شرحي على ألغاز شيخي العلامة عبد الملك العصامي المسمى بغنية المعتاز في شرح الألغاز واختلف في وجه تسميتها بذلك فقيل لتعارف آدم وحواء بها وقيل لأن جبريل عرف الخليل المناسك يوم عرفة وقيل: لأن النّاس يعترفون فيها بذنوبهم وقيل غير ذلك قال الفارسي وفي ذلك تسعة أقوال عشرة إلا واحدًا. قوله: (قدمنا في أذكار العيد الخ) وكذا تقدم الكلام على ما يتعلق بسنده ومتنه في ذلك الباب

الصفحة 2