كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 5)

ووالديه، وأقاربه ومشايخه، وأصحابه، وأصدقائه، وأحبابه، وسائر من أحسن إليه، وجميع المسلمين، وليحذر كل الحذر من التقصير في ذلك كلِّه، فإن هذا اليوم لا يمكن تداركه، بخلاف غيره، ولا يتكلَّف السجع في الدعاء، فإنه يشغل القلب، ويذهب الانكسار، والخضوع، والافتقار، والمسكنة والذِّلَّة، والخشوع، ولا بأس بأن يدعوَ بدعواتٍ محفوظةٍ معه، له أو غيره، مسجوعة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ورد في الحديث ابدأ بنفسك وفي صحيح مسلم في قصة موسى مع الخضر رحمة الله علينا وعلى موسى، قال: وكان - صلى الله عليه وسلم - إذا ذكر أحدا من الأنبياء بدأ بنفسه رحمة الله علينا وعلى أخي فلان. قال المصنف: قال العلماء: فيه استحباب ابتداء الإنسان بنفسه في الدعاء وشبهه من أمور الآخرة أما حظوظ الدنيا فالأدب فيها الإيثار وتقديم غيره على نفسه اهـ. وقوله ويدعو لنفسه هذا تعميم للمدعو لهم وواو يدعو لام الكلمة وفي بعض الأصول كتابة ألف بعدها وقد حكى ابن قتيبة في أدب الكاتب في كتابة الألف بعد الواو التي هي لام الكلمة وحذفها وجهين نقلهما المصنف في شرح مسلم الأول قول الكتاب المتقدمين والثاني قول بعض المتأخرين وهو الأصح. قوله: (وأحبائه) بكسر الحاء المهملة وتشديد الموحدة والمد أي من يحبهم ويحبونه ويجوز أن يكون بموحدتين بينهما ألف جمع حبيب بمعنى محب ومحبوب من استعمال المشترك في معنييه وهو جائز عندنا. قوله: (ووالديه) أي فيدعو لهما ويترحم عليهما وليمتثل في ذلك قوله تعالى: (وَقُل ربِّ ارْحمهُمَا كَمَا رَبيَاني صَغِيرًا) وليكثر من الاستغفار لهما فإن ذلك من البر المشروع في حقهما وقد روى أبو داود عن أبي أسيد قال: بينا نحن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ جاء رجل من بني سلمة فقال: يا رسول الله هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما بعد موتهما قال: "الصلاة عليهما والاستغفار لهما وإنفاذ عهدهما وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما وإكرام صديقهما" وقد تقدم ما يتعلق بذلك في أواخر الجنائز. قوله: (وسائر -أي جميع- من أحسن إليه) فيكون أعم مما قبله أو باقي من أحسن إليه فيكون غيره وتقدم تحقيق الخلاف في معنى سائر في آخر الخطبة من أول هذا الكتاب. قوله: (ويذهب الانكسار) أي لأنه ربما

الصفحة 4