كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 5)

طُرُق الهدى، ولا يضرك قِلَّةُ السالكين، وإياك وطرقَ الضلالة، ولا تغترَّ بكثرة الهالكين، وبالله التوفيق.
فصل: وأما إكرام الداخل بالقيام، فالذي نختاره أنه مستحب لمن كان فيه فضيلة ظاهرة من علم أو صلاح أو شرف أو ولاية مصحوبة بصيانة، أو له ولادة أو رحم مع سن ونحو ذلك، ويكون هذا القيام للبِرِّ والإكرام والاحترام، لا للرياء والإعظام، وعلى هذا الذي اخترناه استمر عمل السلف والخلف، وقد جمعت في ذلك جزءاً جمعت فيه الأحاديث والآثار وأقوال السلف وأفعالهم الدالة على ما ذكرتُه، ذكرتُ فيه ما خالفها، وأوضحتُ الجواب عنه، فمن أشكل عليه من ذلك شيء ورغب في مطالعة ذلك الجزء رجوتُ أن يزول إشكاله إن شاء الله تعالى، والله أعلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
عليك بالخير ولا تكترث ... بقلة السارين في ذا السنن
واحذر من الشر ولا تغترر ... بكثرة الأشرار يا ذا السنن
فصل
قوله: (أما إكرام الداخل بالقيام الخ) قال بعض المتأخرين من المحققين القيام تجري فيه الخمسة الأحكام فيجب عند خوف الضرر بتركه ومن الضرر التباغض والتدابر المنهي عنه بقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تباغضوا ولا تدابروا" وقد صرح بوجوبه في هذه الأزمنة الأذرعي قال: دفعاً للعداوة والتقاطع كما أشار إليه ابن عبد السلام فيكون من باب درء المفاسد ويندب لذي فضيلة ظاهرة من علم أو صلاح أو شرف بقصد الإكرام لا بقصد الرياء والإعظام ويحرم لنحو كافر لا يخشى من ترك القيام له محذوراً ويكره لذي فسق كذلك ويباح فيما سوى ذلك. قوله: (وقد جمعت في ذلك جزءاً الخ) ناقشه في كثير مما ذكره فيه ابن الحاج في مدخله بما لا يسلم له في الغالب والله أعلم قال المصنف "لم يصح في النهي عن القيام شيء صريح" اهـ، ثم يحرم على الداخل محبة القيام له على وجه المفاخرة
والتطاول على الأقران وعليه يحمل حديث من أحب أن يتمثل له النّاس قياماً فليتبوأ مقعده من النار أما من أحب

الصفحة 403