كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 5)

فصل: يستحب استحباباً متأكداً: زيارة الصالحين، والإخوان، والجيران، والأصدقاء، والأقارب، وإكرامهم، وبِرهم، وصلتهم، وضبط ذلك يختلف باختلاف أحوالهم ومراتبهم وفراغهم. وينبغي أن تكون زيارته لهم على وجه لا يكرهونه، وفي وقت يرتضونه. والأحاديث والآثار في هذا كثيرة مشهورة.
ومن أحسنها ما رويناه في "صحيح مسلم" عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أن رجلاً زار أخاً له في قرية أخرى، فأرصد الله تعالى على مَدْرَجته مَلَكاً، فلما أتى عليه قال: أين تريد؟ قال: أريد أخاً لي في هذه القرية، قال: هل لك عليه من نعمة ترُبُّها؟ قال: لا، غير أني أحببتُه في الله تعالى، قال: فإني رسول الله إليك بأن الله تعالى قد أحبك كما أحببته فيه".
قلت: مدرجته بفتح الميم والراء والجيم: طريقه. ومعنى تربُّها: أي تحفظها وتراعيها وتربيها كما يربّي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ذلك إكراماً له على الوجه المذكور لكونه صار شعاراً في هذا الزمن لتحصيل المودة فلا كما نبه عليه ابن العماد وغيره.
فصل
قوله: (وينبغي أن تكون زيارتهم الخ) لأن القصد من زيارتهم إدخال السرور عليهم طلباً لثواب الله تعالى وأداء لحقهم فيقيد بما أشار إليه الشيخ. قوله: (ما رويناه في صحيح مسلم -إلى آخر قوله- فأرصد الله على مدرجته) قال في النهاية أي وكله بحفظ المدرجة وهي الطريق وجعله رصداً أي حافظاً معداً وقال المصنف: معنى أرصده أقعده والمدرجة بفتح الميم وإسكان المهملة الأولى وفتح الثانية وبالجيم الطريق كما قاله المصنف في شرح مسلم وسميت بذلك لأن النّاس يدرجون عليها أي يمضون ويمشون. قوله: (هل لك عليه من نعمة تربها) بضم الراء المهملة وتشديد الموحدة أي تحفظها وتراعيها وتربيها كما قال المصنف وبمعناه قوله في شرح مسلم أن يقوم بإصلاحها وينهض إليه بسبب ذلك. قوله: (فقال: لا غير أبي أحببته الله الخ) أي لم أزره

الصفحة 404