كتاب تفسير الماوردي = النكت والعيون (اسم الجزء: 5)

{وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى} والمؤتفكة المنقلبة بالخسف , قاله محمد بن كعب: هي مدائن قوم لوط وهي خمسة: صبغة وصغيرة وعمرة ودوماً وسدوم وهي العظمى , فبعث الله عليهم جبريل فاحتملها بجناحه ثم صعد بها حتى أن أهل السماء يسمعون نباح كلابهم وأصوات دجاجهم ثم كفأها على وجهها ثم أتبعها بالحجارة كما قال تعالى: {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حَجَارةً مِن سِجِّيْلٍ} قال قتادة: كانوا أربعة آلاف ألف. {أَهْوَى} يحتمل وجهين: أحدهما: أن جبريل أهوى بها حين احتملها حتى جعل عاليها سافلها. الثاني: أنهم أكثر ارتكاباً للهوى حتى حل بهم ما حل من البلاء. {فَعَشَّاهَا مَا غَشَّى} يعني المؤتفكة , وفيما غشاها قولان: أحدهما: جبريل حين قلبها. الثاني: الحجارة حتى أهلكها. {فَبِأَيِّءَالآءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى} وهذا خطاب للمكذب أي فبأي نعم ربك تشك فيما أولاك وفيما كفاك. وفي قوله: {فَغَشَّاهَا} وجهان: أحدهما: ألقاها. الثاني: غطاها.
{هذا نذير من النذر الأولى أزفت الآزفة ليس لها من دون الله كاشفة أفمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا تبكون وأنتم سامدون فاسجدوا لله واعبدوا} {هَذا نَذِيرٌ مِّنَ النُّذُرِ الأُولَى} فيه قولان: أحدهما: أن محمداً نذير الحق أنذر به الأنبياء قبله , قاله ابن جريج. الثاني: أن القرآن نذير بما أنذرت به الكتب الأولى , قاله قتادة. ويحتمل قولاً ثالثاً: أن هلاك من تقدم ذكره من الأمم الأولى نذير لكم. {أَزِفَتِ الأزِفَةُ} أي اقتربت الساعة ودنت القيامة , وسماها آزفة لقرب قيامها عنده.

الصفحة 406