كتاب الفروع وتصحيح الفروع (اسم الجزء: 5)

فِيمَنْ لَبِسَ قَمِيصًا وَجُبَّةً وَعِمَامَةً لِعِلَّةٍ وَاحِدَةٍ كَفَّارَةٌ, قُلْتُ: فَإِنْ اعْتَلَّ فَلَبِسَ جُبَّةً ثُمَّ بَرِئَ ثُمَّ اعْتَلَّ فَلَبِسَ جُبَّةً, فَقَالَ: عَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى فِي الْإِرْشَادِ1: إذَا لَبِسَ وَغَطَّى رَأْسَهُ مُتَفَرِّقًا فَكَفَّارَتَانِ. وَإِنْ كَانَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فَرِوَايَتَانِ, وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ: إنْ كَرَّرَهُ فِي مَجْلِسٍ تَدَاخَلَتْ, لَا فِي مَجَالِسَ, وَعِنْدَ مَالِكٍ: تَتَدَاخَلُ كَفَّارَةُ الْوَطْءِ فَقَطْ. وَجَدِيدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ: لَا تَدَاخُلَ, وَفِي الْقَدِيمِ: تَتَدَاخَلُ, وَلَهُ قَوْلٌ: عَلَيْهِ لِلْوَطْءِ الثَّانِي شَاةٌ, كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ.
لَنَا مَا تَدَاخَلَ مُتَتَابِعًا تَدَاخَلَ مُتَفَرِّقًا كَالْأَحْدَاثِ وَالْحُدُودِ وَكَفَّارَاتِ الْأَيْمَانِ; وَلِأَنَّهَا كَفَّارَةٌ لَا يَتَضَمَّنُ سَبَبُهَا إتْلَافَ نَفْسٍ, كَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ; وَلِأَنَّهُ وَطِئَ, فَكَفَّرَ عَنْهُ كَالْأَوَّلِ, أَوْ مَحْظُورٍ فَكَفَّرَ عَنْهُ كَغَيْرِهِ; وَلِأَنَّ اللَّهَ أَوْجَبَ فِي حَلْقِ الرَّأْسِ فِدْيَةً وَلَمْ يُفَرِّقْ وَلَا يُمْكِنُ إلَّا شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ. وَلَنَا عَلَى أَنَّهُ لَا تَدَاخُلَ إذَا كَفَّرَ عَنْ الأول اعتباره بالحدود والأيمان.
ـــــــــــــــــــــــــــــQثم رأيت ابن نصر الله في حواشيه قَالَ: يَعْنِي إمَّا أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ تَغْطِيَةِ وَجِهَةِ وَرَأْسِهِ, أَوْ بَيْنَ تَغْطِيَةِ وَجْهِهِ وَلُبْسِ الْمَخِيطِ, انْتَهَى. يَعْنِي أَنَّ كَلَامَهُ صَحِيحٌ, وَيُقَدَّرُ فِيهِ فَيُقَالُ: وَإِنْ غَطَّى وَجْهَهُ وَرَأْسَهُ, أَوْ غَطَّى وَجْهَهُ وَلَبِسَ الْمَخِيطَ, فَدَى. وَهُوَ صَحِيحٌ. لكن بخذف2 ذَلِكَ حَصَلَ اللُّبْسُ, وَقَوْلُهُ: "أَوْ غَطَّى وَجْهَهُ وَجَسَدَهُ" مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ تَغْطِيَةَ وَجْهِ الرَّجُلِ لَا تُوجِبُ فِدْيَةً, وَإِلَّا فَالرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ مُشْتَرِكَانِ في ذلك, والله أعلم.
__________
1 ص "161".
2 في "ط" "بخلاف".

الصفحة 536