لا يعني هذا أننا أتينا على كل الزوايا التي تصرف فيها الفرنسيون بعد الاحتلال في العاصمة (¬1). ولكننا حاولنا أن نذكر تلك التي تأثرت بالهدم والتعطيل والتحويل ونحو ذلك نتيجة استيلاء السلطات الفرنسية عليها واغتصاب أوقافها. وقد رأينا أن تعطيل الزوايا أو هدمها أدى إلى البؤس الاجتماعي والجفاف العلمي. كما فقدت البلاد معالم أثرية - حضارية كانت تدل على التراث العمراني الذي هو ملك للأجيال.
وقد وجدت الزوايا أيضا في سهل متيجة والمدن الوسطى كالبليدة والمدية وشرشال ومليانة، ولكن الزوايا خارج المدن لم تتضرر كثيرا بالهدم والتعطيل. ومع ذلك هدم بعضها نتيجة الحروب والانتفاضات. ومنها زاوية سيدي محمد بن عبد الرحمن - بوقبرين - التي تعرضت للهدم مرتين. الأولى في آيت إسماعيل أثناء الثورة التي قادها الحاج عمر سنة 1857 والتي كانت نهايتها احتلال زواوة. والمرة الثانية كانت على إثر ثورة 1871 التي تزعمها الشيخ محمد أمزيان الحداد، شيخ الرحمانية عندئذ في صدوق.
ويقول ليونار بارليت: إن (آيت) بني إسماعيل ظلوا على ثورتهم بين 1857 و 1871. ففي هذه السنة أعلن الشيخ محمد الجعدي الجهاد في آيت مرجة عند قبة سيدي محمد بن عبد الرحمن، وكان محمد بن الحاج بلقاسم، أمين أمناء بني إسماعيل، قد شارك بقسط وافر في هذه الثورة. ولذلك كان
¬__________
(¬1) من الزوايا التي لم نتناولها هنا زاوية سيدي محمد (الأزهري) بالحامة. وذكر كلاين عدة زوايا أخرى انقرضت، منها زاوية سيدي عيسى التي ترجع إلى 1682 والتي أصبح مكانها سينما. وزاوية سيدي عبد القادر الجيلاني التي اختفت سنة 1866 حين مد الشارع (قسنطينة) وكذلك اختفت معها النخلة الباسقة التي كانت علامة عليها والتي كانت تشرب مباشرة من باطن الأرض. كما ذكر زاوية كتشاوة التي ترجع إلى سنة 1786 والتي بناها الحاج محمد خوجة المقطاعجي كاتب قصر الداي. وقال كلاين إن هذه الزاوية (مدرسة؟) قد احتلها الدرك سنة 1835 ثم استولت عليها بيت المال، ثم هدمت. وهناك زاوية القيصرية التي هدمت من أول وهلة لفتح ساحة الحكومة. وزاوية سيدي سالم التي اتخذها الجنود مرقدا سنة 1830 ثم اختفت سنة 1862 حين دخلت في ساحة الأيالة.