كتاب تاريخ الجزائر الثقافي (اسم الجزء: 5)

حول الجامع ناقلا عن هايدو أنه كان يقع في شارع (الأرتولوجي) سنة 1581، ثم أورد أيضا كلام لودويه A. Lodoyer حول هدم جامع السيدة (¬1).
وقد علق أوميرا (الذي كان من العلمانيين وربما من الماسونيين، ورئيسا لجمعية الصحفيين وجمعية العلوم الاجتماعية في الجزائر) على فعل سلطات بلاده فقال إنه لم يكن بدافع عاطفة معادية للدين الإسلامي وإنما كان لضرورة فتح الطرق العمومية، وقد نفى أوميرا أيضا عاطفة التعصب عن المسلمين بدليل أنهم في نظره لم يحتجوا أو يثوروا ضد هدم أجمل مساجدهم، جامع السيدة. وكانوا حاضرين، ويرددون عبارة (مكتوب، مكتوب). ولذلك اعتبرهم أوميرا (قدريين) فقط. ولكن كلام أوميرا فيه نظر. فمن جهة نعلم أن لجنة الحفر بقيادة حمدان خوجة قد احتجت وصرخت وكتبت ضد هذه الأعمال غير الحضارية، وكتابه (المرآة) وعرائضه تشهد على ذلك. ولعل أوميرا لم يرجع إليها. ولم يرجع أيضا إلى الأدب الشعبي الذي بكى مصير المساجد والأسواق والحصون التي هدمت (¬2). ثم إن المسلمين الذين بقوا في العاصمة عدد ضئيل جدا، إثر الاحتلال، وكانوا من صنف الفقراء والعجزة الذين لم يستطيعوا الخروج من المدينة. وأخيرا سنعرف أن الاحتجاج الناطق والصامت قد استمر عند المسلمين، كما تثبته المراجع التي سنذكرها.
2 - جامع محمد باشا: كان في مقابلة قبة سيدي يعقوب (انظر القباب) على البحر. وهو جامع صغير، هدمه الفرنسيون، كما يقول ديفوكس، منذ أمد بعيد - لم يحدد ديفوكس التاريخ -. وقليل من الأهالي يذكرونه في عهد ديفوكس، وحتى الذين يذكرونه لا يعلمون أنه لمحمد باشا، ذلك الداي غير العادي والذي حكم 25 سنة (وهذه المدة الطويلة ظاهرة نادرة في ذلك
¬__________
(¬1) أوميرا (الملكية الحضرية في مدينة الجزائر) في المجلة الإفريقية،. R.A، 1898، ص 178 - 180.
(¬2) سنذكر قصيدة الشيخ عبد القادر في بكاء الجزائر، وقصيدة ابن الشاهد أيضا في نفس الموضوع.

الصفحة 15