كتاب تاريخ الجزائر الثقافي (اسم الجزء: 5)

أربع سنوات فقط أصبح مهددا بالانهيار، لذلك هدموه وأدمجوه في المنازل المجاورة له، سيما الدار رقم 36 من شارع القناصل، كما يقول ديفوكس (¬1). فأين وكلاؤه وأوقافه الي لم تتركه ينهار أكثر من قرن ونصف، ولكنه أنهار في ظرف أربع سنوات؟ وقد أضاف أوميرا أن جامع الداي شعبان خوجة كان يقع بين شارعي البحرية والقناصل، وأنه عطل وحول إلى ثكنة لسلاح الهندسة، ثم خرب سنة 1834، فأعطى لإدارة (الدومين) التي باعته بتاريخ 26 سبتمبر 1835، ثم بني في مكانه فدخل في الدار المسماة (الدار الفرنسية) (¬2).
25 - مسجد المرسى (أو باب المرسى): وترجع شهرة هذا الجامع إلى أنه واقع في الباب الذي كان يدخل ويخرج منه المجاهدون في البحر. ومن خلاله كانت تأتي الغائم الوفيرة وتدخل الأسرى. ولعل المجاهدين كانوا يستعملون هذا الجامع لصلاة المودع عند الذهاب، وصلاة الشكر والحمد عند الإياب. وقد حاول ديفوكس أن يستدر الدموع والعواطف وهو يصف باب المرسى وجامعه فقال إن الأسرى المسيحيين كانوا يدخلون منه وهم يبكون حريتهم وعائلاتهم وأوطانهم. وقد يكون ذلك صحيحا، فالأسر في كل مكان قيد لحرية الإنسان وتعطيل لحواسه وقدراته، ولكن ديفوكس نسي أن بلاده (فرنسا) كانت أيضا تأسر المسلمين في العهد العثماني وتربطهم في المجاديف التي لا يستطيعون الفكاك منها مدى الحياة، ولا تقبل حتى الفدية منهم. فهل كان أسرى المسلمين في السفن الفرنسية أقل شعورا بالحرية وأرخص دموعا وأوطانا من الأسرى الفرنسيين؟ ثم إن بلاده كانت تأسر الجزائريين وهم في وطنهم وترسل بهم إلى المنافي البعيدة.
وحسب ديفوكس فإن باب المرسى هذا كان يدعى أيضا (باب الجهاد) وأيضا باب دزيرة (ولعله هو الذي قبله). ولكن الفرنسيين الذين يقول عنهم
¬__________
(¬1) ديفوكس، 88.
(¬2) أوميرا، 184. ولم يتحدث كلاين عن مصيره.

الصفحة 28