كتاب تاريخ الجزائر الثقافي (اسم الجزء: 5)

أنهم بعد ذلك جملوا واجهته ببعض العرصات التي كانت في جامع السيدة بعد هدمه. وهم ينسبون الفضل لأنفسهم في ذلك رغم أن أوقاف الجامع الكبير كانت تكفي لشراء أجمل العرصات المرمرية. والغريب أنهم بينما يفعلون ذلك استولوا أيضا على مدرسة وزاوية الجامع الكبير وقضوا عليهما، كما سنرى. والواقع أن هذا الجامع قد فقد أيضا هيبته ومكانته العلمية بتدجين علمائه وجعلهم أصواتا ناطقة بما تريد السلطة الفرنسية فقط.
وقد كاد الفرنسيون يهدمون الجامع الكبير أيضا مرتين، مرة سنة 1888 ثم سنة 1905. فأعد مهندسوهم الخرائط، ووضعوا الخطة لإقامة فندق مكانه وطمس معالمه. ولكن المحاولة فشلت. ففي الأولى جاء الحاكم العام (لويس تيرمان 1888) بنفسه إلى الجامع ووافق علماء السوء على المشروع واستبدال الجامع بفندق وباء جامع في مكان آخر بيد، وفي نفس الوقت حضر الجمهور فاحتجوا وصرخوا وخشي الحاكم غضبة شعبية فتراجع. والمرة الأخيرة كانت في عهد شارل جونار (1905) الذي كاد ينفذ الخطة القديمة، ثم وقع العدول عنها. ويرجع الفضل في إفشال المشروع إلى حنكة بعض الأعيان وعلى رأسهم الحكيم محمد بن العرب (¬1).
27 - مسجد الجنائز: وله اسم آخر أجمل من هذا وهو مسجد الحاج باشا الذي جدده سنة 1545. وكان عندئذ يحكم الجزائر بالنيابة. فالجامع
¬__________
= ثم أجرت إلى الخواص سنة 1836، أي أنها فصلت عن الجامع. واستلمها السيد بيكون PICON واستقر بها.
(¬1) انظر ترجمتنا لحياة ابن العربي في فصل العلوم التجريبية، وكذلك (تقويم الأخلاق)، محمد العابد الجلالي، 61. ويذكر كلاين أن الجامع الكبير كان مقرا للمجلس الشرعي، وأن من بين المفتين فيه: مصطفى الكبابطي، وحميدة العمالي، وعلي بن الحفاف، والحاج قدور الشريف، ومحمد بن زاكور، وابن ناصر الذي كان موجودا سنة 1919. انظر كلاين، ص 150 - 152.

الصفحة 30