كتاب تاريخ الجزائر الثقافي (اسم الجزء: 5)

مراسلات وعلاقات مع الطرق الصوفية في المشرق والمغرب كالقادرية والسنوسية والطيبية، وحاربوا ما أسموه دعاية الجامعة الإسلامية، ووقفوا في وجه المهاجرين إلى المشرق، سيما في فترات معينة متل 1875، 1895، 1911. وبنوا مدارس إسلامية على طريقتهم لإخراج القضاة والمعلمين حتى لا يضطر الجزائريون إلى الخروج إلى الأزهر والزيتونة أو يضطر الفرنسيون إلى توظيف مسلمين (أجانب) عن مدرستهم. ولكن الحدود التي أقامها الفرنسيون أو أغلقوها لم تمنع، مع ذلك، من هجرة الجزائريين إلى المغرب والمشرق، ولا من تعلمهم في بعض الجامعات الإسلامية والعربية، ولا من تأثرهم بالأفكار التي كانت تروج داعية المسلمين عامة إلى النهضة والتخلص من الاستعمار.
وفي هذا الفصل سنعرض باختصار لحركة الهجرة الجزائرية نحو بلدان المغرب العربي والمشرق العربي والإسلامي. وسنتعرف على أدوار المهاجرين في الحركة الفكرية في البلدان التي نزلوها دون أن نتوسع في الحياة السياسية والاقتصادية لأن هذا خارج عن نطاق الكتاب. وسنتعرض أيضا إلى الزيارات والمراسلات المتبادلة وإلى تأثير الأفكار الشرقية (الإسلامية والعربية) في الجزائر، ودراسة الطلبة الجزائريين بالمشرق في مختلف المراحل، وكذلك نظرة علماء المشرق إلى العلماء الجزائريين.

الهجرة نحو المغارب والمشارق
غداة الاحتلال خرجت أعداد كبيرة من الجزائريين متجهة نحو البلدان المجاورة مثل تونس والمغرب (¬1). وكانت الهجرة في البداية من مدينة الجزائر ثم تلتها المدن الأخرى. وكانت الهجرة تشمل عادة أعيان البلاد وأغنياءها وعلماءها. وفي المراحل التالية للاستعمار شملت الهجرة القرى الريفية أيضا والمناطق النائية، كما شملت غير الأعيان. وكل هذه الأنماط من الهجرة كانت اضطرارية، فبعضهم هاجروا هروبا من حكم (النصارى)
¬__________
(¬1) انظر فقرة الهجرة وحكمها في فصل مذاهب وتيارات.

الصفحة 472