كتاب تاريخ الجزائر الثقافي (اسم الجزء: 5)

مثل (المفيد) و (المقتبيس) تكتب عن وصول الأعداد الكبيرة من المهاجرين الجزائريين إلى ميناء بيروت. وقد وصفهم بعض القناصل الفرنسيين (بالمتمر دين). وكان العدد يتراوح بين العشرين والثلاثين يوميا. وقالت بعض الجرائد الدمشقية في غشت 1910 إن العدد وصل إلى 1200 في الشهور الأخيرة (¬1).
أما هجرة تلمسان سنة 1911 فقد كتب عنها الكثير، ولا نريد أن نتوسع هنا فيها، ولكن نلاحظ أنها كانت هجرة سرية وجماعية. فقد اتجه المهاجرون بأعداد كبيرة إلى المغرب الأقصى ومنه ركبوا إلى سورية (¬2). وقد شملت الهجرة غير تلمسان أيضا من النواحي الغربية. كما لحقت بهم موجة جديدة من نواحي قسنطينة ومن زواوة. وفي أكتوبر 1913 وصل ثمانون شخصا إلى الاسكندرية في طريقهم إلى بيروت. وقدرت السلطات الفرنسية أن حوالي 700 عائلة غادرت الجزائر بين 1910 - 1912، أي بين 3 و 4 آلاف شخص.
قلنا إن لوشاتلييه قدر عدد الجزائريين في المشرق العربي - الإسلامي بين 40 و 50 ألف نسمة، سنة 1907. ولكن الأرقام المذكورة عنهم في بلاد الشام تختلف من عهد إلى آخر. وتكاد المصادر الإحصائية تنحصر في وثائق القنصليات الفرنسية فقط. ذلك إننا لا نملك الآن إحصائيات الدولة العثمانية ولا غيرها. وتفيد الإحصاءات الفرنسية أنه كان في دمشق وحدها سنة 1883 (سنة وفاة الأمير عبد القادر) حوالي 4000 جزائري. وفي إحصاء يرجع إلى سنة 1910 قدرت القنصلية الفرنسية عدد المهاجرين بولاية دمشق بحوالي عشرة آلاف مهاجر. وقدرهم الأمير عمر (¬3)
¬__________
(¬1) باردان (المهاجرون ...) مرجع سابق، ص 164. لوحظ أن حركة الهجرة لم تشمل عنابة وسكيكدة وقالمة.
(¬2) عن هجرة تلمسان انظر الحركة الوطنية ج 2، وآجرون (الجزائريون ...) 2/ 1085، و (هجرة تلمسان) وهو عمل من وضع الحكومة العامة بالجزائر سنة 1914، وفي المصدر الأخير تقارير وخطب ورسائل ومقالات الخ.
(¬3) سنتحدث بعد قليل عن أعيان المهاجرين وأوضاعهم فى العالم العربي الإسلامي.

الصفحة 481