كتاب تاريخ الجزائر الثقافي (اسم الجزء: 5)
الخاصة. وسجلوا انطباعهم الذي يكشف لنا نمطا من المعيشة العربية في بلاد السجن والغربة. فوالدة الأمير كانت في حدود السبعين سنة، وكانت تعيش في غرفة خاصة بها. ونفهم من الانطباعات أنه كان للأمير عدد من النساء الزنجيات أيضا. ومع ذلك فان مكانة زوجه لاله خيرة كانت مكانة خاصة بينهن. يقول الواصف انه كانت للأمير ثلاث وصيفات في غرفة واحدة، جالسات على المطرح. وكان أطفالهن جالسين على إحدى الزرابي، ورؤوسهم قصيرة الشعر، عدا واحدا منهم كان شعره مجعدا. أما البنات فشعورهن مسرحة ولكنها مربوطة بأشرطة. وكل الأطفال كانوا يلبسون اللباس الوطني في بساطة ظاهرة. أما النساء فثيابهن بيضاء طويلة ومضاعفة. وكان غطاء شعورهن من الحرير، وهو غطاء الرأس الذي يلففنه حول الرقبة أيضا. وكن يلبسن سلاسل، وعقودا، ذهبية وفضية في أحجام ضخمة، ويتزين بالخواتم الفضية والذهبية، وبالأطواق في الرقاب وبالأقراط في الأذان. وكانت أذرعهن وأرجلهن موشمات، وهن جميلات ومستسلمات للمصير الذي كن فيه. ويقول صاحب الوصف إن القصر الذي كن فيه كان مزينا بالزرابي والمرايا والأزهار، ولكن ذلك كله كان لا يلفت انتباههن ولا يريحهن من ألم الشوق والحنين إلى الوطن والحرية.
وفي هذا القصر غرفة خاصة بلاله خيرة، زوجة الأمير ابنة عمه بوطالب. وبناء على الوصف فإن لاله خيرة كانت جالسة على أريكة تنظر إلى أطفالها الذين كانوا يجلسون عند قدميها على زربية. وكانت في حدود الأربعين سنة، وكان جمالها واضحا، للعيان، لكن خيريتها كانت أوضح. وكان لباسها الأبيض أرقى من لباس النساء الأخريات. وكان لها بنتان، كما أن أصغر الأطفال كان يتصاعد على ركبتيها.
وكان عدد من كان في القصر (السجن) مع الأمير حوالي مائة شخص، من بينهم 32 رجلا، 32 إمرأة، 32 طفلا (¬1). والسيدة بروس كانت تسمى
¬__________
(¬1) السيدة بروس (إقامة في الجزائر)، لندن 1852، ص 315 - 316. كانت هذه السيدة =
الصفحة 531
624