كتاب تاريخ الجزائر الثقافي (اسم الجزء: 5)

يقع في طرف البستان من داخل حرم القصر، وقد أحيطت هذه المقبرة الصغيرة بسياج من حديد (¬1).
بعد إطلاق سراحه في آخر سنة 1852 والاحتفال به في باريس، شاهد الأمير وعلق على عدة أمور، مما يعبر عن رأيه في العالم من حوله. ومن أوائل ذلك أنه زار المتحف الحربي (الانفاليد) فشاهد فيه رايته التي طالما خفقت في سماء الجزائر، رآها سجينة في إحدى غرف المتحف، فتأثر تأثرا عميقا. وكانت هذه الراية البيضاء اللون كبيرة الحجم تتوسطها يد مفتوحة الأصابع الخمسة (¬2). وشاهد أيضا السكة الحديدية فسماها (طريق النار) وهو ترجمة حرفية للتسمية الفرنسية (¬3) وزار المكتبة الوطنية، والمطبعة الرسمية. وسجل إعجابه بطباعة الكتب، وقد طبعت أمامه ورقة عليها اسمه وهو واقف، للتأثير عليه. ورووا عنه أنه قال بالدارجة (بريز (باريس) كلها عجب، وأعجب ما فيها بيت الكتب، لله در عقول (؟)، انتخبوا خير منتخب، والسلام على كبير بيت الكتاب) (¬4). ولعل هذا الكلام كان منظوما فنثر، أو مسجوعا، ذلك أن كثرة الباءات توحي بأن الأمير كان يزن كلامه ويجمله. ولعل الكلمة الأخيرة (الكتاب) هي في الأصل (الكتب) كالتي وردت قبلها.
وبعد الزيارة أرسل الأمير رسالة إلى محافظ المطبعة الرسمية، واسمه (سان جورج)، شكره فيها على حسن استقباله وصنيعه. وجاء فيها (وبعد،
¬__________
(¬1) نفس المصدر 2/ 36. يقول هذا المؤلف إنه زار المقبرة سنة 1866 (1283)، وإنها ما تزال قائمة إلى زمن التأليف، وهو سنة 1897.
(¬2) تشرشل (حياة الأمير عبد القادر)، ص 62، 270. ويقول مصدر فرنسي يرجع إلى سنة 1841 ان راية الأمير كانت زرقاء مع يد حمراء في وسطها انظر (رحلة منوار) نشرها مارسيل ايمريت، المجلة الأفريقية، 1955، عدد 442، ص 133. وذكر صاحب (تحفة الزائر) 1/ 201 أن الراية بيضاء أعلاها وأسلفها أخضر وأوسطها يد مبسوطة مطرزة بالذهب.
(¬3) المجلة الشرقية الجزائرية، م 1، 1852، ص 515.
(¬4) مخطوط 7123 عربي، المكتبة الوطنية، باريس، ص 93. وتاريخ زيارة المطبعة هو 6 نوفمبر 1852، رفقة بواسوني وابن علال.

الصفحة 533