كتاب تاريخ الجزائر الثقافي (اسم الجزء: 5)

وقد اهتمت الصحف الفرنسية بنشاط الأمير علي وأقاربه عندئذ. فقد دخل تونس بعد توقيع الصلح مع إيطاليا، والتقى فيها بابن أخيه، الأمير خالد بن الهاشمي، الذي كان ضابطا، في الجيش الفرنسي. كما التقى ببعض أقاربه من عائلة بوطالب. واهتمت الصحافة بهؤلاء الأعيان وحضورهم رواية (كرمين) التي مثلت على خشبة مسرح تونس. وبالطبع كانت العيون تتبعهم حتى لا يقع اتصال بينهم وبين الجزائريين إلا مع من ترضى عنه السلطات الفرنسية. والغريب أن الكتاب الذي تحدث عن سيرة الأمير علي عندئذ قال إنه طلب من هذه السلطات السماح له بزيارة قبور أجداده وأرضهم فأذنت له. فدخل الجزائر سرا وخرج منها سرا بعد يومين. غير أن الزيارة لم تكن (سر) إلا على المغفلين، فقد قلده الفرنسيون وسام جوقة الشرف، وصوروه بلباسه الرسمي المهيب، وصدرت الصورة في (التقويم الجزائري) الرسمي، ولعلها صدرت في غيره أيضا. فالصحافة اليومية ليس معها سر، سيما إذا كان الأمر يتعلق برجل معروف مثل الأمير علي. وإنما الأقرب إلى العقول أن يكون الفرنسيون قد اشترطوا عليه عدم الاتصال بالناس والخطابة فيهم (¬1).
لم يتوجه الأمير على بعد ذلك إلى فرنسا، كما كان يرغب الفرنسيون، ولكنه رجع إلى سورية، وربما أحس بأن الفرنسيين كانوا يبنون على زيارته سياسة لا ترضى عنها الدولة العثمانية أو أنهم أساؤوا إليه أثناء زيارته للجزائر. وبعد رجوعه وصلته برقيتان إحداهما من أخيه والأخرى من ابن أخيه. الأولى من الأمير عبد المالك (سلطان مراكش) حسبما جاء في النص،
¬__________
= الوافي، مكتبة الفرجاني، طرابلس 1972، ص 209 - 219 مع صور. وجورج ريمون فرنسي جاء يغطي الحرب ضد الإيطاليين ومعه ترجمان جزائري قال ان الأمير علي كان يعرف عائلته في الجزائر، وقد أهداه عقالا سوريا. عن الأمير علي انظر أيضا. مجلة (الليستراسيون) عدد 3612، ص 437.
(¬1) (تاريخ حياة طيب الذكر)، دمشق 1918، ص 66 - 68. و (التقويم الجزائري) للشيخ محمود كحول، سنة 1912، وترجمته وصورته في التقويم المذكور، سنة 1913، ص 184.

الصفحة 554