كتاب تاريخ الجزائر الثقافي (اسم الجزء: 5)

دينية (علمانية)، ومع ذلك كانت تعفي الآباء البيض من بعض العقوبات، وتميزهم عن غيرهم ترغيبا لهم، وقد انتهى الأمر في نظره، إلى أن أصبح الأب ينكر ولده والأخ يهجر أخاه، من فتنة الآباء البيض (¬1). ولكن مجلة (العالم الإسلامي) ما تزال مجهولة لدينا.
ولا بد من الإشارة إلى جريدة (الحضارة) التي كانت تصدر باسطانبول. وقد تعرض إليها عدد من الكتاب لاهتمامها أيضا بشؤون الجزائر (¬2). وكانت قد نشرت مقالات لعمر بن قدور حول التجنيد الإجباري أوائل هذا القرن. ولعل عمر راسم كان أيضا يكتب فيها.
ولكن الجريدة التي أظهرت كثيرا من الاهتمام بتطورات الجزائر هي جريدة (الحاضرة) التي كان يصدرها في تونس علي بوشوشة. وكانت جريدة مهتمة بالقضايا العربية والإسلامية. وقد عاشت أكثر من عشرين سنة (1888 - 1911). وكان صاحبها علي بوشوشة من أصول جزائرية كما أشرنا، هاجر جده واستقر في بنزرت، فرارا من الاحتلال الفرنسي. وكان بوشوشة من ذوي الثقافة المزدوجة، وترجم بعض الأعمال من الفرنسية إلى العربية، مثل أطروحة الحكيم محمد بلعربي عن الطب العربي في الجزائر (¬3). وكانت الحاضرة تنقل عن الصحف الفرنسية حول الجزائر، ولا سيما تلك التي تطالب بمعاملة الأهالي معاملة إنسانية. وكانت بينها وبين جريدة (المؤيد) المصرية اتصالات، فعن الحاضرة نقلت المؤيد مسألة التجنس.
وأوردت جريدة الأخبار التي كانت تصدر في الجزائر أن صاحب المؤيد الشيخ علي يوسف كان له حديث مع الحاكم العام جونار سنة 1902، حول قانون الأهالي، وعزا الكاتب وهو علي زكي، التحويرات التي حدثت في
¬__________
(¬1) شكيب إرسلان (حاضر العالم الإسلامي) 2/ 358 - 359.
(¬2) تناول ذلك صالح خرفي في بعض أعماله، ولا سيما كتابته عن عمر بن قدور.
(¬3) انظر فصل العلوم. وقد عاش علي بوشوشة بين 1859 - 1917. وكانت بنزرت قد استقبلت عائلة جزائرية أخرى هي عائلة الدلسي.

الصفحة 607