كتاب مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل - الفكر (اسم الجزء: 5)

---------------------------
إذَا قَالَ أَنْتِ حَرَامٌ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ كَأُمِّي يَعْنِي إذَا أَرَادَ بِذَلِكَ الطَّلَاقَ، وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ بِجَرَيَانِ ذَلِكَ فِيهَا فِي أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ كِتَابِ الظِّهَارِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ، فَصَرَّحَ فِي المدونة: بِأَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ ظِهَارٌ، وَنَصُّهُ فِي كِتَابِ الظِّهَارِ، وَإِنْ قَالَ: لَهَا أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ مِثْلُ أُمِّي أَوْ حَرَامٌ كَأُمِّي، وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَهُوَ مُظَاهِرٌ، وَهَذَا مِمَّا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ، وَقَالَ قَبْلَهُ، وَإِنْ قَالَ: لَهَا أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ مِثْلُ أُمِّي، فَهُوَ مُظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ لِلْحَرَامِ مَخْرَجًا حِينَ قَالَ: مِثْلُ أُمِّي قَالَ غَيْرُهُ، وَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ الْكَفَّارَةَ فِي الظِّهَارِ، وَلَا يَعْقِلُ مَنْ لَفَظَ بِهِ فِيهِ شَيْئًا سِوَى التَّحْرِيمِ ثُمَّ قَالَ مَالِكٌ: وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ أُمَّهُ كَانَ الْبَتَاتُ انتهى.، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي المدونة: أَنْتِ حَرَامٌ كَظَهْرِ أُمِّي، وَلَكِنَّهُ يُؤْخَذُ حُكْمُهُ مِنْ بَابٍ أَحْرَى؛ لِأَنَّهُ إذَا قُلْنَا إنَّ قَوْلَهُ أَنْتِ حَرَامٌ كَأُمِّي ظِهَارٌ فَقَوْلُهُ كَظَهْرِ أُمِّي مِنْ بَابٍ أَوْلَى، وَقَدْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا ابْنُ الْحَاجِبِ لَكِنْ ذَكَرَ فِيهِمَا خِلَافَ مَا قَالَ فِي المدونة:: وَنَصُّهُ . وَلَوْ قَالَ أَنْتِ حَرَامٌ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ كَأُمِّي، فَعَلَى مَا نَوَى مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَظِهَارٌ، وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ طَلَاقٌ، وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ يَعْنِي إنْ نَوَى بِذَلِكَ الظِّهَارَ، وَالطَّلَاقَ لَزِمَاهُ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: إذَا قَدَّمَ الظِّهَارَ فِي نِيَّتِهِ، وَإِنْ نَوَى أَحَدَهُمَا لَزِمَهُ مَا نَوَاهُ فَقَطْ، وَتَبِعَ الْمُصَنِّفُ هُنَا ابْنَ شَاسٍ، وَظَاهِرُ المدونة: خِلَافُ مَا قَالَاهُ ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ المدونة: السَّابِقَ ثُمَّ قَالَ بِمُقْتَضَاهُ إنَّ الْكَلَامَ الْأَوَّلَ هُوَ الَّذِي نَقَلْنَاهُ آخِرًا مَعَ النِّيَّةِ، وَأَنَّهُ يَلْزَمُهُ الظِّهَارُ، وَلَوْ نَوَى الطَّلَاقَ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي الثَّانِيَةِ أَنَّ هَذَا مِمَّا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ . وَقَوْلُهُ هَذَا مِمَّا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَ الْغَيْرِ فِي الْأُولَى خِلَافٌ هَكَذَا قال ابن عبد السلام:: فِي مَعْنَى المدونة:، وَكَذَلِكَ قَالَ غَيْرُهُ لَا خِلَافَ فِي إلْزَامِهِ الظِّهَارَ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ، وَكَلَامُ عِيَاضٍ قَرِيبٌ مِنْهُ أَعْنِي أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَ الْكِتَابِ أَنَّهُ ظِهَارٌ، وَلَوْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ، فَإِنَّهُ قَالَ، وَإِنْ قَرَنَ بِظِهَارِهِ لَفْظَةَ الْحَرَامِ فَقَالَ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ مِثْلُ أُمِّي فَفِي المدونة: أَنَّهُ ظِهَارٌ . وَمِثْلُهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ، وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ مَا لَمْ يُرِدْ بِهِ الطَّلَاقَ، وَكَذَلِكَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: فِي ذَلِكَ، وَفِي حَرَامٍ مِنْ أُمِّي أَنَّهُ ظِهَارٌ، وَلَوْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ هَذَا إذَا سَمَّى الظَّهْرَ، وَإِنْ لَمْ يُسَمِّهِ، فَيَلْزَمُهُ مَا نَوَى، وَفِي كِتَابِ الْوَقَارِ فِي حَرَامٍ مِثْلُ أُمِّي هُوَ الْبَتَاتُ، وَيَلْزَمُهُ الظِّهَارُ مَتَى رَاجَعَ، وَفِي سَمَاعِ عِيسَى فِي أَحْرَمُ مِنْ أُمِّي أَنَّهَا ثَلَاثٌ انتهى.، وَنَقَلَ ابْنُ حَارِثٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَا إذَا قَالَ حَرَامٌ مِثْلُ أُمِّي إنَّهُ طَلَاقٌ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِهِ الظِّهَارَ قِيلَ، وَالْمَشْهُورُ فِي أَحْرَمُ مِنْ أُمِّي إنَّهُ ظِهَارٌ انتهى.، وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ نَحْوَهُ لِأَبِي الْحَسَنِ فِي فَهْمِ كَلَامِ المدونة:، وَإِنَّ قَوْلَهُ فِي الثَّانِيَةِ لَا اخْتِلَافَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَ الْغَيْرِ فِي الْأُولَى خِلَافٌ، وَيَعْنِي، والله أعلم.أَنَّ مُرَادَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِقَوْلِهِ فِي الْأُولَى هُوَ ظِهَارٌ مَا لَمْ يُرِدْ بِهِ الطَّلَاقَ فَيَلْزَمُهُ، وَأَنَّ الْغَيْرَ يَقُولُ هُوَ ظِهَارٌ، وَلَوْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ، والله أعلم.
تَنْبِيهَاتٌ: الْأَوَّلُ: مَا تَقَدَّمَ عَنْ اللَّخْمِيِّ مِنْ قَصْرِ الْخِلَافِ عَلَى مَنْ يَعْلَمُ حُكْمَ الظِّهَارِ تَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ فِي اللُّبَابِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ، وَجَعَلَهُ في الشامل طَرِيقَةً.

الصفحة 433