كتاب المبدع شرح المقنع - عالم الكتب (اسم الجزء: 5)

فصل
وتجب الأجرة بنفس العقد إلا أن يتفقا على تأخيرها ولا يجب تسليم أجرة العمل في الذمة حتى يتسلمه
__________
فصل
"وتجب الأجرة بنفس العقد" أي إذا أطلق وكان العقد وقع على عين كأرض ودار ونحوهما أو ذمة لأن المؤجر يملك الأجرة بنفس العقد كما يملك البائع الثمن بالبيع وحينئذ تكون حالة من نقد بلد العقد إن لم يشترطا غيره وقال طائفة لم يملكها ولا يستحق المطالبة بها إلا يوما بيوم إلا أن يشترط تعجيلها لقوله تعالى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: من الآية6] أمر بايتائهن بعد الرضاع ولقوله عليه السلام: "ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يوفه أجره" ولأنه عوض لم يملك فلم يجب تسليمه كالعوض في العقد الفاسد.
وجوابه بأنه عوض أطلق في عقد معاوضة فيستحق بمطلق العقد كالثمن والصداق وله الوطء وأما الآية فتحتمل أنه اراد الإيتاء عند الشروع في الرضاع أو تسليم نفسها وتحققه أن الإيتاء في وقت لا يمنع وجوبه قبله لقوله تعالى: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [النساء: من الآية24] والصداق يجب قبل الاستمتاع مع أنهما إنما وردا فيمن استؤجر على عمل.
فأما ما وقعت الإجارة فيه على مدة فلا تعرض لها فيه "إلا أن يتفقا على تأخيرها" فلا يجب كما لو اتفقا على تأخير الثمن واقتضى ذلك جواز تأجيلها وقيل إن لم يكن نفعا في الذمة وقيل يجب قبضها في المجلس كرأس مال السلم فلا تحل مؤجلة بموت في أصح قولي العلماء وإن حل دين به لأن حلها مع تأخير استيفاء المنفعة ظلم قاله الشيخ تقي الدين "ولا يجب تسليم أجرةالعمل في الذمة حتى يتسلمه" وإن وجبت بالعقد وعلى هذا وردت النصوص ولأن الأجير إنما يوفى أجره إذا قضى عمله لأنه عوض فلا يستحق تسليمه إلا مع تسليم المعوض كالصداق والثمن وفارق الإجارة

الصفحة 52