كتاب المبدع شرح المقنع - عالم الكتب (اسم الجزء: 5)

ويستحب أن تعطى عند الفطام عبدا أو وليدة إذا كان المسترضع موسرا وإن دفع ثوبه إلى خياط أو قصار ليعملاه ولهما
__________
[الطلاق: من الآية6] واسترضع النبي صلى الله عليه وسلم لولده إبراهيم ولان الحاجة تدعو إليه لأن الطفل في العادة لا يعيش إلا بالرضاع فإن جعل الأجرة طعامها وكسوتها جاز على المذهب لقوله تعالى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: من الآية233] وعنه المنع منه لانه يختلف فيكون مجهولا فعلى الصحة لو استأجر للرضاع دون الحضانة أو بالعكس اتبع فإن اطلق للرضاع دخلت الحضانة في وجه للعرف والثاني لا لأن العقد لم يتناولها إذ الحضانة عبارة عن تربية الطفل وحفظه وجعله في سريره ودهنه وكحله وغسل خرقه ونحوه ويشترط لصحة العقد العلم بمدة الرضاع ومعرفة الطفل بالمشاهدة قال القاضي أو بالصفة وموضع الرضاع ومعرفة العوض والمعقود عليه في الرضاع وخدمة الطفل وحمله ووضع الثدي في فيه واللبن تبع كالصبغ وقيل اللبن قال القاضي هو أشبه لأنه المقصود ولهذا يستحق الأجر بالرضاع دون الخدمة وهذا خاص بالآدميين للضرورة إلى حفظه وبقائه.
مسألة: للمرضعة أن تأكل وتشرب ما يدر لبنها ويصلح به وللمكتري مطالبتها بذلك فلو سقته لبن غنم أو دفعته إلى غيرها فلاأجرة لها لأنها لم تفي بالمعقود عليه.
"ويستحب أن تعطى" إذا كانت حرة "عند الفطام عبدا أو وليدة إذا كان المسترضع موسرا" لما روى أبو داود بإسناده عن حجاج بن حجاج الأسلمي عن أبيه قال: قلت: يا رسول الله ما يذهب عني مذمة الرضاع قال: "الغرة العبد أو الأمة " المذمة بكسر الذال من الذمام وبفتحها من الذم ولأن ذلك سبب حياة الولد وبقائه فاستحب للموسر جعل الجزاء رقبة لتناسب ما بين النعمة والشكر وأوجبه أبوبكر لما ذكرناه فإن كانت المرضعة أمة سن إعتاقها لأنه تحصل به المجازاة.
"وإن دفع ثوبه إلى قصار أو خياط ليعملاه" أي بالقصر أو الخياطة ولهما

الصفحة 8