على رأي بعض، أو اثنان على رأي آخرين، ويدل على هذا التأويل فعله - صلى الله عليه وسلم - والحنفية قالوا: واحد إن كان في السماء غيم وإلا فلا بد من جمع كبير يفيد خبرهم العلم إذا كان صحوًا، والخطاب في قوله: "إِذا رأيتموه" بمعنى إذا وجد فيما بينكم الرؤية، فيدل هذا على أن رؤية بلد رؤية لجميع البلاد فيلزمهم الحُكْم، ويحتمل خلاف ذلك، لأن قوله: "إِذا رأيتموه" خطاب لأناس مخصوصين، وقد اختلف العلماء في ذلك على مذاهب أحدها: تعتبر لأهل كل بلد رؤيتهم (¬1)، وفي صحيح مسلم (¬2) من حديث ابن عباس في قدوم كريب من الشام ما يشهد له، وحكاه ابن المنذر عن عكرمة والقاسم وسالم وإسحاق، وحكاه الترمذي (¬3) عن أهل العلم ولم يحك سواه، وحكاه الماوردي وجهًا للشافعية.
ثانيها: إذا رئي ببلدة لزم أهل البلاد كلها وهو المشهور عند المالكية، [واختاره الإمام المهدي (¬4) على أصل الهادوية، قال: إذ لم يفصل دليل الرؤية] (1)، لكن حكى ابن عبد البر الإجماع على خلافه، قال: وأجمعوا على أنه لا تراعى الرؤية فيما بَعُد من البلدان كخراسان والأندلس، قال القرطبي (¬5): قد قال شيوخنا إذا كانت رؤية الهلال ظاهرة قاطعة بموضع ثم نقل إلى غيرهم بشهادة اثنين لزمهم الصوم، وقال ابن الماجشون (¬6): لا يلزمهم بالشهادة إلا لأهل البلد الذي ثبتت فيه الشهادة
¬__________
(أ) بحاشية الأصل.
__________
(¬1) وهذه المسألة مما عمت بها البلوى واختلف الناس في ذلك. وأصبح كل فريق فرحًا بما لديه من الحجج ولو وسع الناس على أنفسهم وجعلوا الأمر واسعًا لكان في ذلك خير.
(¬2) مسلم الصيام، باب بيان أن لكل بلد رؤيته .... ، 2: 765 ح 28 - 1087.
(¬3) الترمذي الصوم، ما جاء أن لكل أهل بلدة رؤيتهم 77:3 ح 693.
(¬4) البحر 243:2.
(¬5) الفتح 4: 123.
(¬6) الفتح 4: 123.