كتاب البدر التمام شرح بلوغ المرام (اسم الجزء: 5)

والإِرَب: رُوِيَ على وجهَيْن أشهرهما - ورواية الأكثرين (أ) -بكسر الهمزة وإسكان الراء، وكذا (ب) نقله الخطابي والقاضي عن رواية الأكثرين (¬1).
والثاني بفتح الهمزة والراء، ومعناه بالكسر: الوَطَر والحاجة، وكذا بالفتح ولكنه يطلق المفتوح أيضًا على العضو.
قال العلماء: معنى كلام عائشة - رضي الله عنها - أنه ينبغي لكم الاحتراز عن القبلة، ولا تتوهموا من أنفسكم أنكم مثل النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في استباحتها، لأنَّه يملك نفسه ويأمن الوقوع من قبلة أن يتولد منها إنزال أو شهوة وهيجان نفسٍ ونحو ذلك، وأنتم لا تأمنون ذلك فطريقكم الانكفاف عنها، وقد أخرج النَّسائيّ (¬2) من حدَّثنا الأسود قلت لعائشة: أيباشر الصائم؟ قالت: لا، قلت: أليس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يباشر وهو صائم؟ قالت: إنه كان أملككم لإربه.
وظاهر هذا أنها اعتقدت خصوصية النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بذلك، قاله القرطبي قال: وهو اجتهاد منها، انتهى.
ولكنه مُتَأَوِّل بأنها كرهت ذلك للسائل كراهة تنزيه لا تحريم، وهو يفهم من قولها: "أملككم لإربه" فإنّه لا دلالة فيه على الخصوصية، وإنما هو استبعاد منهم أنهم يملكون أنفسهم عند قوة الداعي وسبب تحرّك الشهوة.
¬__________
(أ) جـ: الأكثر.
(ب) هـ: وكذلك.
__________
(¬1) غريب الحديث 3: 223، المشارق 1: 27.
(¬2) النَّسائيّ الكبرى الصيام (كما في تحفة الأشراف 11: 359).

الصفحة 41