كتاب البدر التمام شرح بلوغ المرام (اسم الجزء: 5)

قال المصنف -رحمه الله تعالى (¬1) -: وقد رويناه في كتاب "الصيام" ليوسف القاضي من طريق حماد بن سلمة عن حماد بلفظ: سألتُ عائشة عن المباشرة للصائم فكرهتها.
ويدل أيضًا على أن عائشة لا تُحَرِّمها ولا تعدها من الخصائص ما رواه مالك في "الموطأ" (¬2) عن أبي النَّضْر أن عائشة بنت طلحة أخبرته أنها كانت عند عائشة فدخل عليها زوجها وهو عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر فقالت له عائشة: ما يمنعك أن تدنو من أهلك فتلاعبها (أ) وتقبلها؟ قال: أقبلها وأنا صائم؟! قالت: نعم.
وأخرَج ابن حبان في "صحيحه" (¬3) أنه كان - صلى الله عليه وسلم - لا يمس شيئًا من وجهها وهي صائمة، فيدل أيضًا على أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يجنبها ذلك إذا صابها تنزيهًا منه لها عن تحرك الشهوة، لكونها ليست مثله.
وفي قولها "في رمضان": إشارة إلى أنه لا فَرْق بين صوم النَّفْل والفَرْض، وظاهر الحديث يدل على إباحة التقبيل والمباشرة للصائم لدليل التأسي به - صلى الله عليه وسلم - ولأن ما ذكرته جواب عن سؤال مَنْ سأل عن القُبْلَة وهو صائم، فالجواب يقضي بالإباحة لذلك مستشهدة بما كان يفعله (ب النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ب) - وقد اختلف في ذلك فكرهها قَوْمٌ مطلقًا، وهو المشهور عند المالكية، وأخرجه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن ابن
¬__________
(أ) هـ: لتلاعبها.
(ب- ب) ساقط من هـ.
__________
(¬1) الفتح 4: 150.
(¬2) الموطأ الصيام، باب ما جاء في الرخصة في القبلة للصائم 196 ح 16.
(¬3) ابن حبان الصيام 5: 223 ح 3538.

الصفحة 42