ولعل النووي أراد المشتهر (أ) منها، ويندب له أيضًا أن يأتي المساجد التي بالمدينة وهي نحو ثلاثين موضعًا وسوى علمت عينه أو جهته (¬1) وقد كان ابن عمر - رضي الله عنهما - يتحرى الصلاة والنزول والمرور حيث حل - صلى الله عليه وسلم - ونزل (¬2).
وما جاء عن عمر أنه رأى الناس في الرجوع من الحج ابتدروا مسجدًا فقال: ما هذا؟ فقالوا: مسجد صلى فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: هكذا هكذا (ب) أهل الكتاب قبلكم اتخذوا آثار الأنبياء تبعًا، من عرضت له منكم الصلاة فليصل فيه، ومن لم تعرض له فليمض (¬3).
وروي مثل هذا عن مالك ولكنه محمول على سد الذرائع خشية أن يتخذ ذلك العامة تشريعًا (¬4).
¬__________
(أ) هـ، ي: (المشهور).
(ب) ضرب علي (هكذا) الثانية في هـ.
__________
(¬1) المجموع 208:8.
(¬2) البخاري 3: 592 ح 1769.
(¬3) مصنف عبد الرزاق 2: 118 - 119 ح 2734.
(¬4) وقد ذكر شيخ الإِسلام في اقتضاء الصراط المستقيم عن هذه المشاهد فقال: وقد فصل أبو عبد الله رحمه الله المشاهد، وهي الأمكنة إلى فيها آثار الأنبياء والصالحين من غير أن تكون مساجد لهم كمواضع بالمدينة بين القليل الذي لا يتخذونه عيد، والكثير الذي يتخذونه عيدًا) إلى أن قال .... وقد اختلف العلماء رحمهم الله في إتيان المشاهد.
فقال محمَّد بن وضاح: كان مالك وغيره من علماء المدينة يكرهون إتيان تلك المساجد وتلك الآثار التي بالمدينة ما عدا قباء واحدًا. ودخل سفيان الثوري بيت المقدس وصلى فيه ولم يتتبع تلك الآثار ولا الصلاة فيها فهؤلاء كرهوها مطلقًا لحديث عمر وهو يشبه الصلاة عند المقابر إذ هو ذريعة إلى اتخاذها أعياد أو إلى التشبه بأهل الكتاب ولأن ما فعله ابن عمر لم يوافقه أحد عليه من الصحابة فلم ينقل عن الخلفاء الراشدين ولا عن غيرهم من المهاجرين والأنصار =