وقال ابن قدامة: إنْ قَبَّلَ فأنزل أفطر بلا خلاف (¬1). وقد حكى ابن حزم أنه لا يفطر ولو أنزل (¬2).
وقال الماوردي: ينبغي أنْ يُعْتَبَرَ حال المقبل فإن أثارت القبلة منه الإنزال حرمت عليه لأنَّ الإنزال يمنع من الصيام، فكذلك ما أدى إليه وإن كان عنها المذي، فمن رأى (أ) الإفطار به ووجوب القضاء قال: يحرم في حقه، ومن قال: يكره، وإن لم تؤدِّ القبلة إلى شيء فلا معنى للنهي عنها إلَّا على القَوْل بسد الذرائع، قال: ومِنْ بديع ما روي في ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - للسائل عنها: "أرأيت لو تمضمضت" (¬3) فأشار إلى فقهٍ بديع، وذلك أن المضمضة لا تنقض الصوم (ب) وهي أول الشرب ومفتاحه، كما أن القبلة من دواعي الجماع ومفتاحه، والشرب يفسد الصوم كما يفسده الجماع فكما ثبت عندهم أن أوائل الشرب لا يفسد الصيام فكذلك أوائل (جـ) الجماع. انتهى.
وهذا الحديث أخرجه أبو داود والنَّسائيُّ من حديث عمر، قال النَّسائيّ: منكر (¬4)، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم.
¬__________
(أ) جـ: روي.
(ب) جـ: الوضوء.
(جـ) سقط من جـ: (أوائل).
__________
(¬1) المسألة فيها خلاف وذكر ابن قدامة الخلاف في المغني 3: 111.
(¬2) المحلى 205:6.
(¬3) أحمد 1: 21، أبو داود الصوم، باب القبلة للصائم (بلفظ "مضمضت") 2: 779: 780 ح 2385، النسائي في الكبرى الصيام (تحفة الأشراف 10422)، الحاكم 1: 431، ابن حبان 5: 223 ح 3536 (بلفظ مضمضت)، ابن خزيمة 3: 245 ح 1999.
(¬4) تحفة الأشراف 8: 17 ح 10422.