كتاب ذيل طبقات الحنابلة - لابن رجب - ت العثيمين (اسم الجزء: 5)

سنة وَقَدْ نالته مرة محنة بسبب حال حصل لَهُ، اطلع عَلَيْهِ بَعْض أَصْحَابه، فأشاع ذَلِكَ عَنْهُ، وأظهر بِهِ خطة. فعقد لَهُ مجلس بدار السعادة بدمشق سنة ثمان عشرة، حضره القضاة وَالْفُقَهَاء، وأحضروا خطة بأنه: رأى الحق سبحانه وتعالى، وشاهد الملكوت الأعلى، ورأى الفردوس، ورفع إِلَى فَوْقَ العرش، وسمع الْخَطَّاب، وقيل لَهُ: قَدْ وهبتك حال الشيخ عَبْد القادر، وأن اللَّه تَعَالَى أخذ شَيْئًا كالرداء من عَبْد القادر، فوضعه عَلَيْهِ، وأنه سقاه ثلاثة أشربة مختلفة الألوان، وأنه قعد بَيْنَ يدي اللَّه تَعَالَى مَعَ مُحَمَّد وإبراهيم وموسى وعيسى والخضر عَلَيْهِم السَّلام، وقيل لَهُ: هَذَا مكان مَا يجاوزه ولي قط. وقيل لَهُ: إنك تبقى قطبا عشرين سنة.
وذكر أشياء أخر. فاعترف أَنَّهُ خطه. فأنكر ذَلِكَ عَلَيْهِ، فبادر، وجدد إسلامه، وحكم الحاكم بحقن دمه، وأمر بتأديبه. وحبس أياما.
ثُمَّ أخرج ومنع من الفتوى وعقود الأنكحة، ثُمَّ بان لَهُ غلطه، وأن هَذَا لَمْ يكن لَهُ وجود فِي الخارج، وإنما هِيَ أخيلة وشواهد وأنوار قلبية، لا أمور خارجية وشيخه الواسطي مَعَ سائر أئمة الطريق أهل الاستقامة، وصوفية أهل الْحَدِيث يقررون ذَلِكَ، ويحذرون من الغلط فِيهِ، كَمَا زل فِي ذَلِكَ طوائف من أكابر الصوفية.
وَكَانَ أَكْثَر إقامة الشيخ زين الدين بدمشق، يعيد بالمدارس،

الصفحة 51