كتاب كشف المناهج والتناقيح في تخريج أحاديث المصابيح (اسم الجزء: 5)
4672 - قال: كنت أمشي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليه بُرْد نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي، فجبذه بردائه جبذة شديدة، رجع نبي الله في نحر الأعرابي، حتى نظرت إلى صفحة عاتق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أثرت بها حاشية البرد من شدة جبذته، ثم قال: يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم ضحك، ثم أمر له بعطاء.
قلت: رواه البخاري في الخمس ومسلم في الزكاة ورواه ابن ماجه في اللباس. (¬1)
ونجراني: منسوب إلى نجران موضع معروف بين الحجاز والشام واليمن كذا قاله ابن الأثير (¬2) "فجبذه" الجذب والجبذ معناهما واحد.
4673 - قال: كان نبي الله - صلى الله عليه وسلم - أحسن الناس، وأجود الناس، وأشجع الناس، ولقد فزع أهل المدينة ذات ليلة، فانطلق الناس قبل الصوت، فاستقبلهم النبي - صلى الله عليه وسلم - قد سبق الناس إلى الصوت، وهو يقول: "لم تراعوا، لم تراعوا"، وهو على فرس لأبي طلحة عُري، ما عليه سرج، في عنقه سيف، فقال: "لقد وجدته بحرًا".
قلت: رواه البخاري في الجهاد ومسلم في فضائل النبي - صلى الله عليه وسلم - ومسلم أيضًا وابن ماجه في الجهاد والنسائي في السير. (¬3)
والفزع: المراد به هنا الاستغاثة، والروع: الفزع، وفي رواية: "لن تراعوا" فيكون خبرًا في معنى النهي، وقيل: في رواية "لم تراعوا" بمعنى لا.
قال البغوي: وتضع العرب "لم" و "لن" بمعنى لا، قوله: على فرس لأبي طلحة عري يقال: فرس عري وخيل أعرا ولا يقال: رجل عري وإنما يقال: عريان، قاله في شرح السنة (¬4). قوله: ما عليه سرج هو بيان لعري. وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لقد وجدناه بحرًا" أي واسع الجري.
¬__________
(¬1) أخرجه البخاري (3149)، ومسلم (2307)، وابن ماجه (3553).
(¬2) انظر: النهاية لابن الأثير (5/ 21).
(¬3) أخرجه البخاري (2909)، ومسلم (2307)، وابن ماجه (2772)، والنسائي في الكبرى (8829).
(¬4) انظر: شرح السنة (13/ 252).