كتاب منحة الباري بشرح صحيح البخاري (اسم الجزء: 5)

30 - بَابُ القُرْعَةِ فِي المُشْكِلاتِ
وَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ} [آل عمران: 44] وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "اقْتَرَعُوا فَجَرَتْ الأَقْلامُ مَعَ الجِرْيَةِ، وَعَال قَلَمُ زَكَرِيَّاءَ الجِرْيَةَ، فَكَفَلَهَا زكَرِيَّاءُ وَقَوْلِهِ: {فَسَاهَمَ} [الصافات: 141]: "أَقْرَعَ"، {فَكَانَ مِنَ المُدْحَضِينَ} [الصافات: 141]: "مِنَ المَسْهُومِينَ".
[انظر: 2674]
وَقَال أَبُو هُرَيْرَةَ: "عَرَضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَوْمٍ اليَمِينَ فَأَسْرَعُوا، فَأَمَرَ أَنْ يُسْهِمَ بَيْنَهُمْ: أَيُّهُمْ يَحْلِفُ".
(باب: القرعة) أي: مشروعيتها. (في المشكلات) أي: التي يقع فيها التنازع، وفي نسخة: بدل (في) "من" وهي للتعليل.
(وقوله) بالجر عطف على القرعة، وزاد في نسخة: "عزَّ وجلَّ". ({إِذْ يُلْقُونَ}) أي: حين يلقون ({أَقْلَامَهُمْ}) أي: سهامهم وأقلامهم التي كانوا يكتبون بها التوراة، كانوا إذا أرادوا الاقتراع يلقون أقلامهم في النهر، فمن ارتفع قلمه كان الحظ له. ({أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ}) متعلق بمحذوف أي: يلقون أقلامهم ليعلموا أو ليقولوا: {أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ} أي: يضمها إلى نفسه ويربيها. (فجرت الأقلام) أي: التي ألقوها في نهر الأردن.
(وعال) أي: ارتفع، وفي نسخة: "وعلا"، وفي أخرى: "وعدا" بالدال بدل اللام. (وقوله) بالجر عطف على (القرعة) أيضًا. (فَسَاهَم) إلى آخره أشار البخاري بذكر القصتين إلى الاحتجاج بصحة الحكم بالقرعة، وهو مبني على أن شرع مَنْ قبلنا شرع لنا إذا لم يرد ما يخالفه.

2686 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، قَال:

الصفحة 469