كتاب منحة الباري بشرح صحيح البخاري (اسم الجزء: 5)

الأَمَانَةِ أَحَقُّ مِنْ تَطَوُّعِ الوَصِيَّةِ" وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا صَدَقَةَ إلا عَنْ ظَهْرِ غِنًى" وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: "لَا يُوصِي العَبْدُ إلا بِإِذْنِ أَهْلِهِ" وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "العَبْدُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ".
[انظر: 1426، 1427]
(باب: تأويل قول الله تعالى) في نسخة: "قوله تعالى". ({مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ}) في نسخة: ({يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ}) أي: بيان تأويل ما ذكر من تقديم الوصية في الذكر على الدين مع أنه مقدم عليها في الأداء. (أو قوله) بالجر عطف على (تأويل). (-عزَّ وجلَّ -) ساقط من نسخة: (لا صدقة) أي: كاملة إلا عن (ظهر غنى) بإقحاكم (ظهر) أي: والمديون ليس بغني فالوصية التي لها حكم الصدقة تعتبر بعد الدين ذكره الكرماني (¬1).
وأما تقديم الوصية في الذكر على الدين، ففيه أوجه: منها: أنها قدمت لأنها إما تقع على سبيل البر بخلاف الدين: لأنه يقع قهرًا فكانت الوصية أفضل، ومنها: أنها تؤخذ بغير عوض بخلاف الدين فكانت أشق على الورثة منه، ومنها: أنها مظنة التفريط فكانت أهم فقدمت. (لا يوصي العبد إلا بإذن أهله) أي: بإذن سيده له في الوصية عن نفسه، لا عن العبد إذ العبد لا يملك شيئًا.
(العبد راع في مال سيده) أي: حافظ ملتزم صلاح مال سيده فلا يتصرف فيه إلا بإذنه.

2750 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
¬__________
(¬1) "البخاري بشرح الكرماني" 12/ 67.

الصفحة 562