كتاب منح الجليل شرح مختصر خليل (اسم الجزء: 5)

فَسْخُ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ؛.
ـــــــــــــــــــــــــــــQكَالِئٍ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ التَّجَوُّزَ فِي الْإِسْنَادِ فَهُوَ مَجَازٌ عَقْلِيٌّ وَهُوَ إسْنَادُ الْفِعْلِ أَوْ مَا فِيهِ مَعْنَاهُ لِغَيْرِ مَا هُوَ لَهُ لِمُلَابَسَةٍ، فَأَسْنَدَ هُنَا مَا لِلْفَاعِلِ لِلْمَفْعُولِ لِوُقُوعِهِ عَلَيْهِ فِي خَبَرِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ» ، أَيْ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ، وَأَقْسَامُهُ ثَلَاثَةٌ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ، وَبَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ وَابْتِدَاءُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ وَقَدْ أَفَادَهَا الْمُصَنِّفُ بَادِئًا بِأَوَّلِهَا لِأَنَّهُ أَشَدُّهَا لِأَنَّهُ رِبَا الْجَاهِلِيَّةِ، كَانَ رَبُّ الدَّيْنِ يَقُولُ لِمَدِينِهِ إمَّا أَنْ تَقْضِيَنِي دَيْنِي وَإِمَّا أَنْ تُرْبِيَ لِي فِيهِ فَقَالَ (فَسْخُ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ أَيْ تَرْكُ وَإِسْقَاطُ (مَا) أَيْ دَيْنٍ أَوْ الدَّيْنِ الَّذِي (فِي الذِّمَّةِ) بِكَسْرِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ الْمِيمِ أَيْ الصِّفَةِ الْقَائِمَةِ بِالْمَدِينِ الَّتِي يَقْبَلُ بِسَبَبِهَا الْإِلْزَامَ وَالِالْتِزَامَ وَصِلَةُ (فَسْخُ) (فِي) مُقَابِلَةِ شَيْءٍ (مُؤَخَّرٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْهَمْزِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ قَبْضُهُ عَنْ وَقْتِ الْفَسْخِ يَلْتَزِمُهُ الْمَدِينُ فِي ذِمَّتِهِ وَهُوَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الدَّيْنِ الْمَفْسُوخِ كَفَسْخِ دِينَارٍ فِي دِينَارَيْنِ.
وَأَمَّا تَأْخِيرُ الدَّيْنِ الْحَالِّ أَوْ الْمُؤَجَّلِ بِأَجَلٍ قَرِيبٍ إلَى أَجَلٍ بَعِيدٍ وَأَخْذُ مُسَاوِيهِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ مِنْ جِنْسِهِ فَلَيْسَ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ، بَلْ مُجَرَّدُ تَسْلِيفٍ أَوْ تَسْلِيفٍ مَعَ إسْقَاطِ الْبَعْضِ فَهُوَ مِنْ الْمَعْرُوفِ الْمُرَغَّبِ فِيهِ، وَمِنْ الْفَسْخِ الْمَمْنُوعِ أَخْذُ شَيْءٍ حَالٍّ فِي الدَّيْنِ ثُمَّ رَدُّهُ لِلْمَدِينِ فِي مُؤَخَّرٍ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الدَّيْنِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ لِإِلْغَاءِ مَا خَرَجَ عَلَى يَدِ الْمَدِينِ ثُمَّ رَجَعَ لَهَا وَقَضَاءُ الدَّيْنِ ثُمَّ رَدُّهُ لِلْمَدِينِ رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ، وَهَاتَانِ الصُّورَتَانِ كَثُرَ وُقُوعُهُمَا بَيْنَ النَّاسِ تَحَيُّلًا عَلَى الرِّبَا. الْمُتَيْطِيُّ مَنْ لَهُ دَيْنٌ مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ عَنْهُ قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِهِ أَوْ بَعْدَهُ سِلْعَةً مُعَيَّنَةً يَتَأَخَّرُ قَبْضُهَا سَاعَةً إلَّا بِقَدْرِ وُلُوجِ الْبَيْتِ. وَإِنْ كَانَ طَعَامًا فَبِقَدْرِ مَا يَأْتِي بِحَمَّالٍ أَوْ مِكْيَالٍ، فَإِنْ كَثُرَ وَغَابَتْ الشَّمْسُ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ اسْتَوْفَاهُ مِنْ الْغَدِ. أَشْهَبُ وَلَوْ تَمَادَى ذَلِكَ شَهْرًا لِكَثْرَتِهِ إذَا اتَّصَلَ أَخَذَهُ، فَإِنْ انْفَصَلَ وَطَالَ فَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: يَرُدُّ مَا أَخَذَ وَيَرْجِعُ إلَى دَنَانِيرِهِ.
ابْنُ عَرَفَةَ التُّهْمَةُ عَلَى فَسْخِ الدَّيْنِ مُعْتَبَرَةٌ، فَفِي صَرْفِهَا إنْ قَبَضْت مِنْ غَرِيمِك دَيْنًا فَلَا تُعِدْهُ إلَيْهِ مَكَانَك سَلَمًا فِي شَيْءٍ وَلَوْ أَسْلَمْت إلَيْهِ دَنَانِيرَ ثُمَّ

الصفحة 43