كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 5)

ورواحها «1». وفي تفاسير أخرى فسرت الآية أن مسار الريح وسرعتها تقطع المسافة التي يقطعها المسافر في شهر في دقائق معدودات وهذا هو بالضبط قانون سرعة الريح أو قانون السرعة عموما والذي هو باختصار المسافة مقسوم على الزمن اللازم لقطع تلك المسافة، كما ووردت آيات أخرى تخص سيدنا سليمان وقصته مع نعم اللّه عليه ومنها الرياح فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخاءً حَيْثُ أَصابَ (36)، (ص: 36).
وحول تأثير الرياح على السفن في البحر يقول اللّه تعالى في سورة (الشورى: 33) إِنْ يَشَا يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَواكِدَ عَلى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (33)، وأما ما نراه في وسائل الأعلام حول ما تفعله الأعاصير والعواصف بالناس والمدن والسفن فيتمثل في آيات عديدة منها: فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكانٍ سَحِيقٍ (31)، (الحج: من الآية 31)، أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تارَةً أُخْرى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قاصِفاً مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِما كَفَرْتُمْ ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنا بِهِ تَبِيعاً (69)، (الإسراء: 69).
أما العصف الناتج من الانفجارات ( Blast) أو التيارات الهوائية الشديدة التي تؤثر خلال زمن قليل (وهو تعريف العصف) فقد ورد أيضا بالقرآن الكريم حيث أقسم اللّه تعالى بالعاصفات في قوله تعالى من سورة (المرسلات: 2) فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً (2)، والتي يفسرها صاحب الظلال نقلا عن ابن مسعود رضي اللّه عنه بأنها الريح الشديدة إذ قال:
((وروي عن ابن مسعود ((المرسلات عرفا قال الريح .. وكذا قال في العاصفات عصفا والناشرات نشرا. وكذلك قال ابن عباس ومجاهد وقتادة وأبو صالح في رواية)) «2». ولا اختلاف في أن عصف الريح الشديد القوة هو نفسه عصف القنابل لأن الهواء هو المادة المتحركة في الاثنين والموصوف بأنه عاصف أي يمر بسرعة كبيرة وهو المسبب لقوة الاندفاع والضغط الهائل المدمر والفرق الوحيد أن عصف الريح طبيعيا بينما عصف القنابل اقتبسه الإنسان وصنعه لأغراض تدميرية أو مدنية.
وما دمنا قد تحدثنا عن الريح وانتقلنا إلى تأثيرات الريح لحالات أخرى عديدة،
______________________________
(1) تفسير الظلال، سيد قطب، ج/ 5، ص 2898.
(2) تفسير الظلال، سيد قطب، ح/ 6، ص 3791.

الصفحة 28