كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 5)

لننتقل إلى نظرة أخرى لموضوع الرياح في القرآن الكريم «1».
لنتدبر الروعة القرآنية في وصفها لهذا العلم المعقد: يقول الدكتور أحمد عبد اللّه مكي - الأستاذ المساعد في قسم علوم الأرصاد - في بحثه المنشور في مجلة الإعجاز العلمي العدد الخامس، ص 10 - 17، والذي نختصر منه النقاط الأساسية الآتية:
يدرس علم الأرصاد الآن ومنذ أكثر من قرن حركة الرياح ودورانها وأنواعها وتفرقها على الأرض وفي طبقات الجو العليا بواسطة البالونات والراديوسوند والرادارات والأقمار الصناعية، فوجد أن هناك نظاما عاما للرياح وهذا ما يسمى بالدورة العامة للرياح، يرتبط بحركة الأرض حول الشمس مكونة الفصول وحول نفسها مكونة الليل والنهار، وهناك علاقة بين الرياح والسحاب فكل منها مرتبط بالآخر، حيث إن كل البرامج والنماذج الحاسوبية لتقدير سرعة الرياح في طبقات الجو العليا بواسطة الأقمار الصناعية تعتمد في حساباتها على حركة السحاب، وهذا ما يعبر عنه اللفظ القرآني وتَصْرِيفِ الرِّياحِ، (البقرة: 164) .. لقد توفرت معلومات هائلة بعد هذه الخبرة المتراكمة والأبحاث المنجزة للمشتغلين في هذا الحقل حيث تم فهم أمور عديدة منها توزيع الضغط الجوي والرياح والحرارة والرطوبة بعد دخول التقنيات الحديثة للمراقبة بما أعطى مقاييس عديدة لفهم الرياح منها الشامل ( Global)، والمحلي ( Local) والمستوى الدقيق وكذلك المستوى السينوبيتكي الخاص بالكتل الهوائية والآيتان (164) في سورة البقرة و (ه) في سورة الجاثية تبينان أمرين أساسيين هما: توزيع الرياح التام، ووجود قوانين لها.
أما بالنسبة للدورة العامة للرياح فإن لها مقياسا عاما لحركة الجو، وتتكون من الرياح على مستوى الكرة الأرضية والتي ينتج من التأثير المشترك للتوازن الإشعاعي، وانتقال الحرارة عبر خطوط العرض، ودوران الأرض بالإضافة إلى الاختلافات في طبيعة سطح الأرض في الأماكن المختلفة، ويقدم الإشعاع الشمسي الطاقة لدورة الرياح، إذ يسقط هذا الإشعاع أكثر تركيزا ومباشرة على خط الاستواء فيتزايد قربه منه على القطبين إذ يتناقص قربهما، وهذا يؤدي إلى حركة صاعدة قرب هذا الخط وحركة هابطة قرب
______________________________
(1) انظر كتابنا (المنظار الهندسي للقرآن الكريم)، الباب الثالث، الفصل الأول.

الصفحة 29