كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 5)

باتجاه الشمال. وهذا كله يحدث بالقرب من نشاط السطح الجبهي .. كل هذه التفاصيل عبر عنها القرآن الكريم بقوله تعالى: والْمُرْسَلاتِ عُرْفاً (1)، (المرسلات: 1)، وكلمة (عرفا) تعني الشكل التموجي، إذ يمكن أن يرى هذا الأثر الموجي على سطح البحر، وفي تموجات الرمال، أو حركة العلم على السارية، كما يعطي المعنى أيضا الشكل الدائري الشبيه بالمنجل في إعصار تام، وهو بالضبط الشكل الذي تم اكتشافه حديثا (دائرة - ومنجل) - .. ثم يقول تعالى في الآية اللاحقة من سورة المرسلات فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً (2)، وقد روى ابن عباس ومجاهد وقتادة وأبي صالح أن المرسلات والعاصفات والناشرات كلها تعني الرياح، وروى ابن مسعود أن المرسلات عرفا تعني أن الرياح تأتي متوالية كعرف الفرس في امتدادها وتتابعها (أي على شكل تموجي)، والعرف كعرف الفرس والديك والضبع .. ولو دققنا في لفظ العرف يمكن أن نأتي بمعنى (المكان العالي المتميز)، وفي سورة الأعراف يقول تعالى: وبَيْنَهُما حِجابٌ وعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ ونادَوْا أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوها وهُمْ يَطْمَعُونَ (46)، (الأعراف: 46) .. والأعراف جمع عرف أي المكان العالي. والمعنى أن القسم الرباني بالرياح المرسلة جاء لأهميتها الكبيرة في حياة الناس وقوانين الأرض. وهذا فعلا ما أثبته العلم الحديث إذ أن هناك تيارات من الرياح على ارتفاعات عالية جدا في الغلاف الجوي تلعب دورا هاما في اعادة اتزان الطاقة في الغلاف الجوي وذلك في عملية تكون السحب وحركتها .. والقسم اتبع بالفاء بما يفيد التتابع أي يتلو هذه الرياح العليا ( Jet Stream) الرياح العاصفة المتكونة على سطح الأرض، أي عند ما تتكون التيارات النفاثة العليا تتبعها بإذن اللّه تعالى العواصف على سطح الأرض وهذا معروف علميا بخط العواصف ( Squall line).
موضوع علاقة الرياح مع السحاب من سورة الأعراف آية (57) والروم (48) وآيات أخرى سنفصله لاحقا.
الرياح على المستوى المحلي: وهي الرياح التي تدخل على مدى يدخل في نطاق الإدراك البشري عامة وهو مرتبط بالتضاريس المحلية كالجبال والتلال وشواطئ البحار وغيرها ومنها ما يعرف بالنسيم كنسيم البر والبحر والرياح القوية ودورة رياح الجبال والوديان والأعاصير والعواصف كالهاريكان والتورنادو - تم شرحها سابقا - وتأثيرات قوة

الصفحة 35