كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 5)

الفصل الثالث فيزياء السحب
أما السحب وأنواعها والصواعق والبرق والرعد فقد فصلها القرآن الكريم تفصيلا عجيبا، فقد جاء في الآية الثانية من سورة الذاريات: فَالْحامِلاتِ وِقْراً (2)، .. هذا القسم الرباني بالحاملات وقرا وهي السحب الثقال معطوف على القسم الأول وهي الذاريات والتي هي الرياح حيث لا قيمة للسحب بدون فعل الرياح، فإن كانت السحب هي التي تحمل الأرزاق في باطنها حيث الماء العذب الطهور والذي يحيي به اللّه الأرض بعد موتها فإن الذي يقوم بتوزيع هذه الأرزاق على مستحقيها هي الرياح التي سخرها اللّه تعالى، وصرّفها بين يدي رحمته ليكون توزيعها بالعدل المطلق، فقد استأثر اللّه تعالى بتوجيه السحاب إلى حيث تحتاجه جميع الخلائق من عالم الإنسان إلى عالم الحيوان إلى عالم النبات إلى عالم البحار، وذلك في أماكن شتى من بقاع الأرض، فهذا التوجيه للسحب يتم بتقدير إلهي وتدبير رباني، ولا يمكن أن تدركه الرياح غير العاقلة فاللّه ذو الجلال والإكرام يسوق السحاب إلى حيث يشاء أن ينزل الماء وسيظل إرسال الرياح وتوجيه السحاب مظهرين عظيمين من مظاهر القدرة الإلهية يتحديان الإنسان حيث اجتهد في علم الأرصاد الجومائية، فقد فشلت الأقمار الاصطناعية الخاصة بالأرصاد الجوية في التنبؤ بالزمان والمكان الذي تسقط فيه الأمطار يقينا، لأن العلم اختص به اللّه تعالى لذاته دون أن يصل هذا العلم الكامل إلى أحد من البشر، وصدق اللّه العظيم في قوله تعالى وتَصْرِيفِ الرِّياحِ والسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ والْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (164)، (البقرة: من الآية 164). والنظرية العلمية للسحاب الثقال تتلخص في تبخر المسطحات المائية بالاختلاف أنواعها من محيطات وبحار وبحيرات وأنهار - والتي تغطي حوالي 71 خ من سطح كوكب الأرض - ثم ترفعها الرياح إلى أعلى، وتستمر في الارتفاع حيث تتجمع في الطبقة الأولى من الغلاف الجوي، والمعروفة باسم طبقة التربوسفير، وهي طبقة الخيرات ويستمر بخار الماء المتصاعد في التجمع على هيئة سحب حتى إذا ما امتلأت وثقلت ومع انخفاض درجة الحرارة يتكثف بخار الماء المتجمد ليهبط على هيئة أمطار وهي المياه العذبة الطهور، ثم تقوم الرياح بنقل السحاب الممطر من مكان التجمع إلى مكان الأرزاق وفي وقت معلوم، فكل شيء عند اللّه تعالى

الصفحة 38