كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 5)

السحاب الركامي:
النوع الأول من السحب هي السحب الركامية، وهذه السحب تتكون بالنمو الرأسي وتشبه في ذلك الجبال حيث تكون قمتها إلى أعلى وقاعدتها مواجهة لسطح الأرض وقد ترتفع هذه الجبال من السحب الركامية إلى طبقة التربوسفير والتي تنخفض فيها درجة الحرارة إلى 40 درجة تحت الصفر، وتعتبر السحب الركامية أهم أنواع السحب لأنها تجود بالبرد حيث يتكون فيها البرق والرعد، ولقد وردت فيها آية كريمة تعتبر من أمهات الحقائق الكونية التي عبرت عن هذه السحب في إعجاز قرآني رائع وهو ما جاء في الآية 43 من سورة النور: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ ويُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ ويَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ (43)، (النور: 43) «1».
هذه الآية الكريمة توضح الأمطار التي على شكل برد .. إذن السحب الركامية، هي السحب التي تبدأ بخلايا أو تجمعات أو وحدات من سحب البخار صغيرة الحجم التي تثيرها تيارات الهواء الصاعدة فتتحد مكونة سحبا أكبر تتراكم بطبقات بعضها فوق بعض لذلك سميت ركامية، والرياح الصاعدة من الأرض تحمل شحنة كهربائية موجبة وباتحادها مع الشحنة الهربائية الموجودة في الفضاء يتكون مجال كهربائي يتسبب فيتحول البخار إلى قطرات من الماء تكبر شيئا فشيئا إلى أن تسقط مطرا. ومن مظاهر السحب الركامية أنها تنمو بالاتجاه الرأسي وقد تصل إلى علو كبير جدا فهي تبدو للناظر إليها من الطائرة كالجبال الشامخة كما توضح الأشكال أدناه، وهي فعلا تشبه الجبال، إذ تتكون لها قاعدة عريضة في أسفل نقطة لها على سطح الأرض، وتتكون لها قمة رأسية في أعلى نقطة فيها وقد تصل إلى ارتفاعات شاهقة تتجاوز ال 15 كلم.
تتعرض هذه السحب أثناء مسيرها إلى ثلاث أحوال أو أنها تقسم إلى ثلاثة أقسام مختلفة ضمن ارتفاعها الشاهق، إذ تكون قاعدتها في ارتفاعات معتدلة فلا يحدث لها أي تفاعلات أو تفريغ للشحنات وإنما تكتفي بامتطاء الرياح التي تسيرها حيثما يشاء اللّه تعالى.
______________________________
(1) أشرنا في كتابنا (المنظار الهندسي للقرآن الكريم) إلى هذه الآية الكريمة وكيف أن فريقا بحثيا أمريكيا أثبت سقوط كرات ثلجية من السماء إلى الأرض من ارتفاعات شاهقة وقد نشر هذا البحث في مجلة علمية أمريكية عام 1988 م.

الصفحة 40