كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 5)

خفيف الوزن وسريع الاتساع بكل الاتجاهات، فالتراكم هنا لا يعني تجميعها كما تتجمع الأجسام الصلبة، ولكن تداخل الغيوم وتكاثفها مكونة غيمة ذات محتوى رطوبي عال والذي يسبب زيادة وزن القطرات المتكون في المرحلة الأولى (التنوية)، وعندئذ ستسقط القطرات بوزنها على الأرض بإذن ربها.
عند ما توصل العلماء لهذه الحقيقة حاولوا تصنيع قنابل تتفجر في الجو لتنشيط هذه العملية لغرض إنزال المطر إجباريا، واستخدموا مواد مثل يوديد الفضة وبعض الأملاح، فكانت النتيجة أنه باستخدام (10 - 20) غم من هذه المواد تمكنوا من إنزال مليون طن من الماء من هذه السحب بعد اختيار لدرجة حرارة أقل من ( - 20 م) أي 20 درجة مئوية تحت الصفر وبعد تجنيد مساحات وإمكانات وأموال وجهود هائلة لغرض تحقيق ذلك، كما تم اختيار منطقة شبه جزيرة محاطة بالبحار من أكثر من 4/ 5 من جهاتها، وهي بلاد الأندلس (إسبانيا والبرتغال) .. ثم إن السحب التي حرارة قمتها أقل من 15 تحت الصفر لا تحتاج إلى زرع صناعي للإمطار فهي تمطر طبيعيا .. وقد قسمت الأمطار إلى مطر الحمل، ومطر التضاريس، ومطر الجبهات، وفي كل منها تفصيل فيزيائي وكيميائي «1».
هذا التفصيل المبسط لفيزياء تلك الأنواع من السحب بالغة التعقيد تصوره الآيات المباركات من قوله تعالى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ ويُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ ويَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ (43)، (النور: 43) .. واللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها كَذلِكَ النُّشُورُ (9)، (فاطر: 9) «2».
انظر إلى دقة الوصف القرآني وتأمل هل يمكن أن يكون هذا التفصيل في ذلك العصر من قول بشر؟!:
______________________________
(1) المياه في القرآن، المهندس أحمد الدليمي، ص 28 - 30، بتصرف.
(2) القرآن والسحب والرياح، قرص مدمج ضمن سلسلة الإعجاز العلمي للقرآن الكريم، دار التراث، عمان.

الصفحة 43