كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 5)

كالسحب الممطرة وغير الممطرة، والسحب الثقيلة والسحب الخفيفة، وغير ذلك من التقسيمات. السحب الثقيلة هي السحب التي تتمتع بحمولة ضخمة من الأمطار، وهي في جميع الأحوال تكون ممطرة وتغطي مساحات واسعة من سماء الأرض، ولها القدرة على إغراق مساحات شاسعة من الأرض يمكن أن تكون بحجم دولة فرنسا مثلا في غضون ساعات قلائل بما تحمله من كميات هائلة من الخلايا الممطرة، وتكون شديدة التكاثف والسمك بحيث تحجب الشمس بشكل يكاد أن يكون تاما بحيث تحول النهار إلى ظلمة حقيقية. تكون حبات المطر من هذا النوع كبيرة نسبيا ومائلة للسواد في لونها لشدة تكاثفها، وهي تزن ملايين الأطنان بما تحمله من ماء، لذلك يستغرب العلماء كيف تستطيع الرياح حمل كل تلك الأوزان الهائلة وهي بطيئة الحركة نسبيا نظرا لهذا الحمل الضخم.
ما يميز هذه السحب وأمطارها هي فائدتها العظيمة لجميع أنواع الثمار من جهة، وللإنسان من جهة أخرى نظرا للكميات الضخمة من الماء التي تحملها معها، ولأن كبر الحجم للحبة المطرية مع سرعة النزول يمكنها من اختراق التربة مما يزيد من مخزون الماء في التربة ويقلل من تبخر هذه المياه المنغمرة في التربة على العكس من الأمطار الخفيفة التي ما تلبث أن ترجع إلى السماء بسبب سرعة تبخرها.
العجيب في الأمر أن السبق القرآني لم يكتف بذكر هذا النوع من السحب فحسب، بل ربطه بحياة الأحياء على القشرة الأرضية بشتى أنواعها، فبعد أن كانت الأرض قاحلة بدت وكأنها ولدت من جديد بعد نزول هذا النوع من المطر عليها، تدبر أخي الكريم: وهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ سَحاباً ثِقالًا سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنا بِهِ الْماءَ فَأَخْرَجْنا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ كَذلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (57)، (الأعراف: 57) «1» ... لنلاحظ:
1 - يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته: أي من دلائل رحمته بالخلائق جميعا فإنه تعالى يرسل الرياح لتحمل هذه الجبال من السحب هائلة الأوزان.
______________________________
(1) القرآن والسحب والرياح، قرص مدمج ضمن سلسلة الإعجاز العلمي للقرآن الكريم، دار التراث، عمان.

الصفحة 51