كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 5)

الفصل الرابع الصواعق والبرق والرعد
ذكر أهل السنن أن يهود سألوا النبي صلى اللّه عليه وسلم عن الرعد فأجابهم بجواب شامل، فقد أخرج الترمذي في كتاب تفسير القرآن 3042 عن ابن عبّاس قال أقبلت يهود إلى النّبيّ صلى اللّه عليه وسلم فقالوا يا أبا القاسم أخبرنا عن الرّعد ما هو، قال (ملك من الملائكة موكّل بالسّحاب معه مخاريق من نار يسوق بها السّحاب حيث شاء اللّه)، فقالوا فما هذا الصّوت الّذي نسمع، قال (زجره بالسّحاب إذا زجره حتّى ينتهي إلى حيث أمر)، قالوا صدقت ... أي أن الملك الموكل بالسحاب يمتلك مخاريق من نار وزجر له صوت.
وقد تحدثنا في أنواع السحب أن التفريغ الكهربي العظيم الذي يحدث بسرعة هائلة يؤدي إلى حصول ظاهرة البرق الكهروضوئية معها صوت عظيم وقرقعة هائلة ناتجة عنها. وذكرنا تفاصيل معينة حول هذا الموضوع في سياق حديثنا عن السحب والمطر، هذا الجندي الجبار الذي ينزل علينا حاملا معه ملايين الفولتات والأمبيرات الكهربية التي لو قدر لنا من خزنها لحصلنا على طاقة كهربية تكفي الأرض لسنوات مع كل ضربة منه، ولكن هيهات لنا من الاقتراب منه أو حتى مجرد التفكير بذلك. إن ديناميكية تكون الغيوم والبرق لهي من التعقيد بحيث إنها تحت دراسة مستمرة منذ عقود في جامعات معروفة في الولايات المتحدة وكندا وأوروبا واليابان، فهي باختصار محطات توليد طاقة كهربائية هائلة تصل إلى مئات الملايين من الفولتات والأمبيرات والكلفانات، بالإضافة إلى عمليات تحول الطاقات المختلفة التي تحصل فيها من حرارية إلى كهربائية إلى ضوئية، وهكذا فهي ظاهرة كهروضوئية وظاهرة حركية حرارية معا، كما وأنها تكوّن حقلا كهرومغناطيسيا كبيرا.
مع هذا الفرس الجبار ذي السيف الناري تكمن كوارث عديدة تجمع بين الحرائق والرجفات الكهربية والطوفان المدمر، نعم، الطوفان وقوة دفع الماء وتياراته ذات الإجهادات الرهيبة، والتي لا قدرة للإنسان على الوقوف أمامها إلا أن يشاء اللّه فيبعدها عمن يشاء. وفي قصص الأنبياء إشارة للطوفان وهو طوفان سيدنا نوح عليه السّلام الذي انهمرت

الصفحة 53