كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 5)

فيه الأمطار الغزيرة من السماء بكميات لم تر مثلها الأرض قبلها ولن ترى بعدها إلا عند قيام الساعة حيث ترفع أوامر التسخير عن القوانين الكونية التي وضعها اللّه لتنظيم الحياة على كوكب الأرض، وعندها سيكون الطوفان المزدوج من السماء ماء منهمرا ومن الأرض ماء منفجرا ومن البحار ماء يطغى على اليابسة ويأتي الطوفان في جميع أنواعه لتتحول الكرة الأرضية إلى كرة مائية، ولننتبه إلى الآيتين 11 و12 من سورة القمر:
فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ (11) وفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (12). وإن كانت الريح تقع بين البشير والنذير، فإن السحب أيضا تقع بين البشير والنذير، فظواهر البرق والرعد والصعق كلها تتحرك داخل السحب، فحينما نرى البرق فهو إشارة علمية لاقتراب سقوط المطر فيكون طمع جميع الخلائق في البشير بسقوط الماء العذب الذي جعل اللّه تعالى به الحياة لكل شيء حي، ولكن بعد هذا البرق نسمع الرعد مصحوبا بالصواعق التي تقتل وتدمر كل ما هو أسفلها، وهنا يجتاح الخوف والرعب جميع أهل كوكب الأرض من البشر وهو ما أشارت إليه الآيتان 12 و13 من سورة الرعد: هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وطَمَعاً ويُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ (12) ويُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ والْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ ويُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ وهُمْ يُجادِلُونَ فِي اللَّهِ وهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ (13) .. وداخل السحب يحدث تمدد فجائي للهواء فيحدث صوتا وهو ما يعرف باسم الرعد الذي يتردد بالانعكاس بين كتل السحاب مسببا صوتا نسميه (جلجلة)، ورغم أن البرق والرعد يحدثان في لحظة واحدة من مصدر واحد إلا أن ضوء البرق يصل إلى أعيننا قبل وصول صوت الرعد في آذاننا، ويرجع ذلك إلى اختلاف السرعتين، فسرعة الضوء 186 ألف ميل/ ثانية بينما سرعة الصوت بطيئة جدا إذ تصل إلى حوالي 750 ميلا في الساعة، ومن هنا يكون الضوء أسرع من الصوت حوالي مليون مرة. وقد يحدث التفريغ الكهربائي بين السحاب والأرض وذلك إذا كان السحاب الركامي قريبا من الأرض ومشحونا بشحنة كهربائية عالية، فإذا حدث التفريغ بين السماء وأي جسم مرتفع عن سطح الأرض فإنه يسمى بالصاعقة والتي تظهر كعمل مشترك للضوء المصحوب بالصوت .. وإذا تأملنا هذه السحب بشقيها البشير والنذير فإن دورتها إحدى المعجزات العلمية، لأنها قد تأتي أصلا من مياه البحار والمحيطات التي طعمها ملح أجاج، ولكن تتم إزالة الملوحة بالدورة الإلهية المقدرة

الصفحة 54