كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 5)

5. أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ ويُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ ويَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ (43)، (النور: 43).
6. ومِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وطَمَعاً ويُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ ماءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (24)، (الروم: 24).
ونلاحظ من الآيات المباركات مدى الوصف الدقيق لظاهرة البرق. فالآيات بمجموعها تعطينا تصورا لشدة الوهج والصوت المصاحب للعملية والتي تبعث الرعب في النفوس. وكما وتصنف لنا فائدتها في الناحية الأخرى فهي - أي ظاهرة البرق - تعطينا النور الذي يزيل الظلمات، ويسبب لنا نزول المطر بعد عملية التفريغ الكهربي الذي يحصل فيها بالإضافة إلى أنها تبعث فينا شحنتين من العواطف، الأولى موجبة وهي البشارة بنزول المطر والخير والبركة والتي عبر عنها القرآن الكريم بكلمة (طمعا)، والثانية سالبة وهي الخوف والتذكر والخشية من عذاب اللّه والتي عبر عنها القرآن بلفظ (خوفا)، واللّه أعلم. ولقد أثبت فعلا أن الشحنات الموجية في الجو تؤدي إلى المحبة فالانفراج في الأحاسيس وبين الشحنات السالبة تؤدي إلى الانقباض والامتعاض. فقد بينت البحوث الحديثة أنه يحصل مقدار معين من التأين في غازات الهواء وتكون هذه الآيونات موجبة في العادة، وقد لوحظ تحت بعض الظروف أن وجود الايونات الموجبة في الهواء تركت آثارا فسيولوجية ونفسية نافعة في الإنسان، وتوليد الآيونات السالبة للاستخدام المناسب لمجالات الكهربائية الصناعية «1».
لقد توصلت في كتابي (المنظار الهندسي للقرآن الكريم) إلى حقائق مذهلة أخرى تتعلق بالثوابت الفيزيائية والكهربية التي اكتشفت قبل قرن ونيف من الزمان من قبل علماء الغرب، ولكن من آيات البرق والرعد التي وردت في القرآن الكريم، فأحيل القارئ الكريم إليه ..
بعد تبياننا للتفسير العلمي للمسألة ولآيات القرآن الكريم، لنعد إلى الحديث الشريف حول الرعد الذي ذكرناه في بداية الفصل. إن تدبرنا بسيطا لهذا الحديث
______________________________
(1) انظر كتابنا (المنظار الهندسي للقرآن الكريم)، ص (285 - 288).

الصفحة 57