لأن زيارة غمرات الموت بعد معاينتها من الأمور المستبعدة.
{ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ} نقض العهد هو عدم الوفاء به ونكثه {عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ} كما نقضوا في المرة الأولى حيث أعانوا كفار مكة بالسلاح، ونقضوا في المرة الثانية حيث صاروا مع الأحزاب على النبي وأصحابه صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم. وهذا معنى قوله: {ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لاَ يَتَّقُونَ} لا يتقون الله (جل وعلا) فيجترئون على نقض العهود وعلى كل جريمة، ليس لهم تقوى من الله تحملهم على امتثال أمره واجتناب نهيه، وهذه -والعياذ بالله- أمور قبيحة؛ حيث كانوا شر الدواب، وكانوا كافرين، ولا يؤمنون، وينقضون العهود، ولا يتقون الله، فهذا منتهى الذم -والعياذ بالله- هذا معنى قوله: {وَهُمْ لا يَتَّقُونَ} [الأنفال: الآية 56].
وقوله: {فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ} [الأنفال: الآية 57] {فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ} هذه (إن) هي الشرطية زيدت بعدها (ما) المزيدة لتوكيد الشرط. والأصل: فإن تثقفهم فشرد بهم. والفاء في قوله: {فَشَرِّدْ} لأن الجملة الطلبية جزاء الشرط، والمقرر في علم العربية أن جزاء الشرط إن كان لا يصلح أن يكون فعلاً للشرط وجب اقترانه بالفاء (¬2)، يعني: إن تثقفهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم، والعرب تقول:
¬_________
(¬1) مضى عند تفسير الآية (74) من سورة البقرة.
(¬2) انظر: التوضيح والتكميل (2/ 316).