كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 5)
(صلوات الله وسلامه عليه) لم يعلموا به حتى قرُب من ديارهم، وكان ما وقع مما هو مشهور يوم الفتح. وهذا معنى قوله: {فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاء}.
{إِنَّ اللَّهَ} جل وعلا {لاَ يُحِبُّ الخَائِنِينَ} [الأنفال: الآية 58] وكل شيء لا [يحبه] (¬1) الله دل على أن صاحبه مرتكب جريمة وذنباً عظيماً. والخائنون: جمع خائن، وأصل الهمزة في {الخَائِنِينَ} مبدلة من واو؛ لأن (الفاعل) من الأجوف تبدل عينه همزة، سواء كانت واواً أو ياءً، والهمزة في محل الواو؛ لأن المادة واوية العين كما بينا (¬2). فالله (جل وعلا) يبغض الخائنين، فلا ينبغي للإنسان أن يخون، وهذا مِنْ مَكَارِمِ الأخلاق، وغاية عدالة الكتب السماوية وإنصافها.
وقوله جل وعلا: {وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَبَقُواْ إِنَّهُمْ لاَ يُعْجِزُونَ (59)} [الأنفال: الآية 59] في هذا الحرف ثلاث قراءات سبعية (¬3): قرأه نافع وابن كثير وأبو عمرو والكسائي: {وَلاَ تَحْسِبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ} بالتاء الفوقية وكسر السين من (تَحسِبَن). وقرأه عاصم في رواية شعبة وحده أعني أبا بكر: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ} بالتاء الفوقية للمخاطب وفتح سين (تَحسَبن) وقرأه ابن عامر وحمزة وعاصم في رواية حفص: {وَلاَ يَحْسَبَنَّ} بياء الغيبة التحتية وفتح سين (يحسَبن).
¬_________
(¬1) في الأصل: «يبغضه» وهو سبق لسان.
(¬2) انظر: معجم مفردات الإبدال والإعلال ص103.
(¬3) انظر: السبعة ص307.