كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 5)
حمل [على] (¬1) المشركين، وقتل العاص بن هشام (¬2)، وأخذ سيفه، وكان مِنْ أجْوَدِ السُّيُوفِ، فطلب النبي صلى الله عليه وسلم أن ينفله إياه. وفي بعض روايات حديثه الثابتة أنه قال: ربما أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم لرجل لم يُبل بلائي. والنبي صلى الله عليه وسلم منعه أولاً ثم أعطاه إياه آخراً، وقد ثبت في صحيح مسلم والبخاري أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يأكلون جالسين في بعض مغازيهم، حتى جاءهم أعرابي على بعير، فقيد بعيره وجلس يأكل معهم، ونظر إليهم حتى اطلع على علاتهم وعوراتهم، وهو جاسوس للعدو من المشركين، ثم ذهب يشتد، فجلس على بعيره وأثاره، فسار بعيره سيراً حثيثاً، فكاد أن يفوت الصحابة، فجرى عليه رجل بناقة فلم تدركه، فجرى عليه سلمة بن الأكوع (رضي الله عنه) وكان من السابقين على أرجلهم، وقد ضرب له النبي صلى الله عليه وسلم سهمين في غزوة (ذي قرد) كما هو معروف، فذهب سلمة يشتد في أثره حتى جاوز الناقة، ثم كان عند ورك البعير، ثم تقدم فأخذ بخطامه وأناخه، واخترط سيفه وضرب الأعرابي على الرأس فقتله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَتَلَ الرَّجُلَ؟» قالوا: سلمة بن الأكوع. قال: «لَهُ سَلَبُهُ أجْمَعُ» (¬3) فنفله إياه لأنه أدركه وهو في غاية الخفّة والسرعة، أدركه على رجليه فنفله سلبه.
¬_________
(¬1) ما بين المعقوفين [] زيادة يقتضيها السياق.
(¬2) مضى عند تفسير الآية الأولى من هذه السورة، وراجع التعليق عليه في الحاشية هناك.
(¬3) مسلم في الجهاد، باب استحقاق القاتل سلب القتيل. حديث رقم: (1754) (3/ 1374).