كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 5)
ومن أنواع التنفيل الجائزة (¬1): قول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ» (¬2). وهذا قاله النبي صلى الله عليه وسلم فثبت عنه في الصحيح يوم حنين. وذكر بعض العلماء أنه قاله يوم بدر أيضاً.
وكان مالك بن أنس (رحمه الله) يقول: ليس للإمام أن يقول هذا إلا بعد أن تنتهي المعركة، أما قبل انتهاء المعركة فلا يجوز للإمام أن يقول هذا؛ لأنه إن قال هذا قبل انتهاء المعركة أفسد نيات المجاهدين؛ لأن المجاهد يكون يقاتل الرجل ليأخذ سلبه فيكون يقاتل للدنيا لا لإعلاء كلمة الله، أما بعد أن تنتهي المعركة ويزول هذا المحذور فلا بأس أن يقول الإمام: مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً فَلَهُ سَلَبُهُ؛ لأنه في ذلك الوقت لا محذور فيه من إفساد النية (¬3). وجماهير العلماء على أنّه لا مانع من أن يقول ذلك ابتداءً؛ لأن المسلمين وإن كان لهم رغبة في الغنيمة فكل مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَة الله هي العليا فهو في سبيل الله كما قاله صلى الله عليه وسلم. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً فَلَهُ سَلَبُهُ» (¬4). والذي قتل هذا القتيل يكون له سلبه.
واختلف العلماء: هل يكون له سلبه دون تنفيذ الإمام، أو لا يملك السلب إلا إذا نفذه له الإمام (¬5)؟ قولان معروفان بين
¬_________
(¬1) انظر: الأضواء (2/ 387).
(¬2) البخاري في فرض الخمس، باب «من لم يخمس الأسلاب ... » حديث رقم: (3142) (6/ 247). ومسلم في الجهاد والسير، باب استحقاق القاتل سلب القتيل، حديث رقم: (1751) (3/ 1370).
(¬3) انظر: المدونة (2/ 31)، الكافي لابن عبد البر ص215.
(¬4) تقدم تخريجه قريباً.
(¬5) انظر: القرطبي (8/ 5)، المغني (13/ 70)، الأضواء (2/ 390).